216

Tuhfat Asmac

تحفة الأسماع والأبصار

Noocyada

ولما عادوا إلى مكة المشرفة انفتحت على الشريف إدريس أسباب النفقات والعطايا، وكان معروفا بالسخاء، فعجز عن قضاء ذلك القرض، واتفقوا أنه سوق للشريف فهيد من حقه ربع ما حصل من المدخول حتى يستوفي ويكتب عليه ما صار إليه، فلم يحصل الوفاء إلا بعد سنتين، فقيل لفهيد: قد حصل لك وفاء مالك، فقال: لابد من استمرار الربع، وقد صارت أمواله متضاعفة، وتعلقت به الآمال، وعرف الشريف إدريس أنه أقدر منه على النفقات فأجرى عليه الربع، وشرط عليه أن يحمل معه من عوايد السلطان الربع.

ثم إن الشريف محسن بن حسين خرج من مكة مغاضبا لعمه الشريف إدريس، وله أخبار طويلة، وكان من أهل الفتك والهمة العالية، وغزا في أخبار ساقها الرواة فيها طول، فصالحه عمه إدريس بتهامة، وبندر القنفذة وما إليها إلى بيش من أعمال تهامة اليمن وثقل[71/أ] على الشريف إدريس بن فهيد، فراسل إلى محسن بن حسين أنك تعود إلى مكة وتعينني على فهيد، وأجرى عليك الربع الذي في يده.

ولما صار الشريف محسن في مكة المشرفة على صفة الاقتضاب، اجتمع بعمه الشريف إدريس، ثم احتالوا على فهيد، فحاصروه أياما، ثم أخرجوه من مكة المشرفة، فصار إلى مشارف الحجاز ونواحي العراق يغري العصاة أجل الأطماع، ثم أنه غزا قوما من بني خالد فأخذوه أسيرا، واصطفوا أمواله، وأولاده في أخبار طويلة، فهام على وجهه إلى صاحب الروم والتمس منه ولاية مكة المشرفة، وعرف صاحب الروم أنه إذا ولاه احتاج إلى سفك الدماء في حرم الله، وترويع أهل الحرمين، فألحقه بخاصته، وجعل له وظيفة أمير من أمراء مصر، فكان هناك حتى هلك.

Bogga 329