مما أخبرني الشيخ حسين بن نعمان القحطاني، ثم عثرت على صحة ذلك من طريق متعددة، أنه تولى مكة وما إليها الشريف الكامل، والملك العادل حسن بن أبي نمي وكان أنهض إخوته وأحزمهم[70/ب] مع غلظة فيه عليهم وعلى غيرهم، وكان عظيم الهيبة، وكان أخوه الشريف قاتيباي بن حسن كثير الغزو إلى مشارق مكة المشرفة، وكان يغلب وينتصر ثم إنه بدى له أن غزا يام إلى مخاليف نجران فقتلته يام، ولما ملك الشريف أبو طالب أراد أن يأخذ بثار أخيه، وربما كاتب صاحب صنعاء من ولاة الأتراك -أقماهم الله تعالى- وتجهز لذلك بقوة من العدد، وأضعاف من المدد، وجمع من أطاعه، وخرج على البلاد المخالفة فذللها وسهل ما عسر منها، فهلك (في موضع) من تلك المفاوز وكتم إخوته وأصحابه موته، وائتمروا في القايم بعده، واتفقوا على الشريف الكامل عبد مناف بن حسن وطلبوا منه أن يقبل منهم الطاعة وأن يقوم بأمرهم، فامتهل منهم إلى ثاني يوم وفاة أخيه، وقد تفرقوا للميت، وكان في محطته في جانب من المحطة العظمى، ولما سكن الليل همس بخفاف ركابه، ولم يزل يجد السير، حتى فارقهم نحو عشر مراحل، وصار في مشارف المدينة المنورة، وكتب إليهم: يا بني حسن إني هربت منكم لا تهلكوني أظلم لكم وفد الله، وأتسبب إلى إيصالكم مطالبكم وعوايدكم بما حرم الله أو كما قال، ففزعوا إلى صنوه الشريف الأكرم إدريس بن حسن، وقالوا له: لا بد مما تلي أمرنا، وتجمع شملنا، فاعتذرهم ثقل ذات اليد، فأقترضوا له من أخ له يسمى الشريف فهيد بن حسن، وكان ذا مال معروف بجمعه ثمانين ألفا من الذهب الأحمر، وكتبوا فيه على الشريف إدريس الأشراف.
Bogga 328