وأطلق على البستان لما فيه من الأشجار، وعلى دار الثواب لما فيها من البساتين، وثلاثتها
مأخوذ من: الجن بمعنى الستر، وإنما جعل الصوم جنة لأنه يقمع الهوى ويردع الشهوات
التي هي من أسحة الشياطين، فإن الشبع محبلة للآثام منقصة للإيمان، ولهذا قال عليه
السلام: " ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه "، فإن من ملأ بطنه انتكست بصيرته وتشوشت
فكرته، لما يستولي على معادن إدراكه من الأبخرة الكثيرة الصاعدة من معدته إلى دماغه،
فلا يتأتى له نظر صحيح. ولا يتفق له رأي صالح، ولعله يقع في مداحض فيزيغ عن الحق
كما أشار إليه – صلوات الله عليه – في قوله:"لا تشبعوا، فتطفئوا نور المعرفة من قلوبكم "’
وغلب عليه الكسل والنعاس، فيمنعه عن وظائف العبادات، وقويت قوى بدنه وكثرت
المواد والفضول فيه، فينبعث غضبه وشهوته، ويشتد شبقه لدفع ما زاد على ما يحتاج إليه بدنه
، فتوقعه بسبب ذلك في المحارم.
و"صلاة الرجل ": مبتدأ خبره محذوف، تقديره: وصلاة الرجل في جوف الليل كذلك
أي: تطفيء الخطيئة، أو: هي من أبواب الخير، والأول أظهر، إذ الآية التي استشهد بها
نظمها في سلك واحد.
وإنما جعل هذه الثلاثة أبواب الخير لأن المرء إذا تصدق وصلى
1 / 68