إذا قلنا: إن الحديث مغاير لما روى أبو هريرة، وإن قلنا باتحادهما
- كما قاله بعض أصحاب الحديث – فلا حاجة إلى هذا التأويل
ويكون عدم ذكر الشهادة في هذه الرواية لنسيان الراوي أو ذهوله
عنه.
فإن قلت: كيف يصح القول بالاتحاد، وقد أبرم الحكم بالفلاح
في رواية أبي هريرة، وقال:" من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة
فلينظر إلى هذا "، وعلق في هذه الرواية بصدقه؟!
قلت: لعله – ﵇ – علق أولا بحضرة السائل لئلا يتكل،
أو قبل نزول الوحي فيه والاطلاع على صدقه، ثم أخبر الحاضرين
بذلك، فاقتصر كل واحد من الراويين على نقل أحدهما لذهوله، أو
نسيانه للآخر.
وينبغي لك أن تعلم أن الحديث الواحد إذا رواه راويان، واشتملت
إحدى الروايتين على زيادة، فإن لم تكن مغيرة لإعراب الباقي قبلت،
وحمل ذلك على نسيان الآخر أو ذهوله أو اقتصاره بالمقصود في صورة
الاستشهاد، وإن كانت مغيرة مثل:"في أربعين شاة نصف شاة "
تعارضت الروايتان، وتعين طلب الترجيح.
فإن قلت: كيف قرره الرسول – صلوات الله عليه – على حلفه هذا،
وقد جاء النكير على من حلف أن لا يفعل خيرا، والنهي عنه في قوله
تعالى: ﴿ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا﴾ [البقرة:٢٢٤]؟!
1 / 49