Tibyaanka I'raabka Qur'aanka
التبيان في إعراب القرآن
Baare
علي محمد البجاوي
Daabacaha
عيسى البابي الحلبي وشركاه
قَالَ تَعَالَى: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) «١٨»
قَوْلُهُ تَعَالَى: (صُمٌّ بُكْمٌ): الْجُمْهُورُ عَلَى الرَّفْعِ، عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ ; أَيْ هُمْ صُمٌّ، وَقُرِئَ شَاذًّا بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُبْصِرُونَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ): جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ ; وَقِيلَ مَوْضِعُهَا حَالٌ، وَهُوَ خَطَأٌ ; لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ لَا يَكُونُ حَالًا ; لِأَنَّ الْفَاءَ تُرَتِّبُ، وَالْأَحْوَالُ لَا تَرْتِيبَ فِيهَا.
(وَيَرْجِعُونَ) فِعْلٌ لَازِمٌ ; أَيْ لَا يَنْتَهُونَ عَنْ بَاطِلِهِمْ، أَوْ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى الْحَقِّ.
وَقِيلَ: هُوَ مُتَعَدٍّ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: فَهُمْ لَا يَرُدُّونَ جَوَابًا مِثْلَ قَوْلِهِ: (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ) «٨» [الطَّارِقِ: ٨] .
قَالَ تَعَالَى: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (١٩»
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوْ كَصَيِّبٍ): فِي «أَوْ» أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهَا لِلشَّكِّ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى النَّاظِرِ فِي حَالِ الْمُنَافِقِينَ ; فَلَا يَدْرِي أَيُشَبِّهُهُمْ بِالْمُسْتَوْقِدِ، أَوْ بِأَصْحَابِ الصَّيِّبِ ; كَقَوْلِهِ: (إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصَّافَّاتِ: ١٤٧] ; أَيْ يَشُكُّ الرَّائِي لَهُمْ فِي مِقْدَارِ عَدَدِهِمْ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا لِلتَّخْيِيرِ أَيْ شَبِّهُوهُمْ بِأَيِّ الْقَبِيلَتَيْنِ شِئْتُمْ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا لِلْإِبَاحَةِ. وَالرَّابِعُ: أَنَّهَا لِلْإِبْهَامِ ; أَيْ بَعْضُ النَّاسِ يُشَبِّهُهُمْ بِالْمُسْتَوْقِدِ، وَبَعْضُهُمْ بِأَصْحَابِ الصَّيِّبِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى) [الْبَقَرَةِ: ١٣٥] ; أَيْ قَالَتِ الْيَهُودُ: كُونُوا هُودًا، وَقَالَتِ النَّصَارَى: كُونُوا نَصَارَى، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْبَصْرِيِّينَ أَنْ تُحْمَلَ «أَوْ» عَلَى الْوَاوِ، وَلَا عَلَى «بَلْ»، مَا وُجِدَ فِي ذَلِكَ مَنْدُوحَةٌ،
1 / 34