Daawada Nabiga
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Daabacaha
دار الهلال
Lambarka Daabacaadda
-
Goobta Daabacaadda
بيروت
وَبِالْعَدْلِ وَالْمِيزَانِ قَامَ الْخَلْقُ وَالشَّرْعُ، وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَيْنِ.
وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ ثَابِتٌ فِي الدُّنْيَا، فَهُوَ كَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ تَعَالَى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ «١» .
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ وَبَعْدَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵀: أَزْوَاجُهُمْ أَشْبَاهُهُمْ ونظراؤهم.
وقال تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ «٢»: قَرَنَ كُلَّ صَاحِبِ عَمَلٍ بِشَكْلِهِ وَنَظِيرِهِ، فَقَرَنَ بَيْنَ الْمُتَحَابَّيْنِ فِي اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ، وَقَرَنَ بين لم تحابين فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ فِي الْجَحِيمِ، فَالْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ شَاءَ أَوْ أَبَى، وَفِي «مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ» وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «لَا يُحِبُّ الْمَرْءُ قَوْمًا إِلَّا حُشِرَ معهم «٣» .
وَالْمَحَبَّةُ أَنْوَاعٌ مُتَعَدِّدَةٌ فَأَفْضَلُهَا وَأَجَلُّهَا: الْمَحَبَّةُ فِي اللَّهِ وَلِلَّهِ وَهِيَ تَسْتَلْزِمُ مَحَبَّةَ مَا أَحَبَّ اللَّهُ، وَتَسْتَلْزِمُ مَحَبَّةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَمِنْهَا مَحَبَّةُ الِاتِّفَاقِ فِي طَرِيقَةٍ، أَوْ دِينٍ، أَوْ مَذْهَبٍ، أَوْ نِحْلَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ، أَوْ صِنَاعَةٍ أَوْ مراد ما.
ومنها مّحببة لِنَيْلِ غَرَضٍ مِنَ الْمَحْبُوبِ إِمَّا مِنْ جَاهِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ تَعْلِيمِهِ وَإِرْشَادِهِ، أَوْ قَضَاءِ وَطَرٍ مِنْهُ، وَهَذِهِ هِيَ الْمَحَبَّةُ الْعَرَضِيَّةُ الَّتِي تَزُولُ بِزَوَالِ مُوجِبِهَا، فَإِنَّ مَنْ وَدَّكَ لِأَمْرٍ، وَلَّى عَنْكَ عِنْدَ انْقِضَائِهِ.
وَأَمَّا مَحَبَّةُ الْمُشَاكَلَةِ وَالْمُنَاسَبَةِ الَّتِي بَيْنَ الْمُحِبِّ وَالْمَحْبُوبِ. فمحبة لازمة لا تزول
(١) الصافات- ٢٢. (٢) التكوير- ٧. (٣) أخرجه أحمد والنسائي.
1 / 203