Daawada Nabiga
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Daabacaha
دار الهلال
Lambarka Daabacaadda
-
Goobta Daabacaadda
بيروت
التحريم: وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ «١» . وَقَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ:
مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ «٢» وَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ «٣» . فتأمّل هذا الذي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَدَفْعَ طَعْنِ الطَّاعِنِينَ عَنْهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
نَعَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ نِسَاءَهُ، وَكَانَ أَحَبَّهُنُّ إِلَيْهِ عائشة ﵂، وَلَمْ تَكُنْ تَبْلُغُ مَحَبَّتُهُ لَهَا وَلَا لِأَحَدٍ سِوَى رَبِّهِ نِهَايَةَ الْحُبِّ، بَلْ صَحَّ أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خليلا لأغذت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا» «٤» . وَفِي لَفْظٍ: «وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خليل الرّحمن» «٥» .
فَصْلٌ
وَعِشْقُ الصُّوَرِ إِنَّمَا تُبْتَلَى بِهِ الْقُلُوبُ الْفَارِغَةُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، الْمُعْرِضَةُ عَنْهُ، الْمُتَعَوِّضَةُ بِغَيْرِهِ عَنْهُ، فَإِذَا امْتَلَأَ الْقَلْبُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَالشَّوْقِ إِلَى لِقَائِهِ، دَفَعَ ذَلِكَ عَنْهُ مَرَضَ عِشْقِ الصُّوَرِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ يُوسُفَ: كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يُوسُفَ: ٢٤]، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِخْلَاصَ سَبَبٌ لِدَفْعِ الْعِشْقِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ السُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ الَّتِي هِيَ ثَمَرَتُهُ وَنَتِيجَتُهُ، فَصَرْفُ الْمُسَبَّبِ صَرْفٌ لِسَبَبِهِ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْعِشْقُ حَرَكَةُ قَلْبٍ فَارِغٍ، يَعْنِي فَارِغًا مِمَّا سِوَى مَعْشُوقِهِ. قَالَ تَعَالَى: وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغًا إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ أَيْ: فَارِغًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ مُوسَى لِفَرْطِ مَحَبَّتِهَا لَهُ، وَتَعَلُّقِ قَلْبِهَا بِهِ.
(١) النساء- ٢٣. (٢) الأحزاب- ٤٠. (٣) الأحزاب- ٤. (٤) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي ﷺ، ورواه مسلم في فضائل الصحابة. (٥) أخرجه مسلم في فضائل الصحابة.
1 / 201