The Quranic Phenomenon
الظاهرة القرآنية
Baare
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
Daabacaha
دار الفكر
Lambarka Daabacaadda
الرابعة
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٠ هـ -٢٠٠٠م
Goobta Daabacaadda
دمشق سورية
Noocyada
منامًا قبل حدوثه، وبذا راجعت قريش مسلكها، وسحبت قرار المقاطعة.
وأيًا ما كان الأمر، فإن هذه الصحيفة الظالمة القاطعة، كانت قد سقطت قيمتها بمرور الزمن، وعاد بنو هاشم والمطلب من جديد إلى مكة بعد محن طويلة مهلكة. فعاد النبي يبلغ دعوته في صحن البيت الحرام، ولكن سادة قريش كانوا قد دبروا (مؤامرة صمت) حول دعوته، فكانوا يمنعون الناس من الاستماع إلى تلاوة القرآن.
ورأى النبي ﷺ أن الناس لا يقبلون على دعوته، فقرر أن يحملها إلى مكان بعيد، إلى الطائف، لكنه لاقى هوانًا أقسى، ومعاملة شريرة في سبيل مهمته، فلقد رماه الناس بالحجارة، وبثوا الأشواك في طريقه، وأغروا به الأطفال والعبيد يسخرون ويستهزئون، فلجأ (الداعية) إلى حائط يحتمي به، دامي القلب من غباوة القوم وشراستهم، ولكن نفسه كانت لا تعرف الحقد؛ لقد كان كل ما فعله أن رفع عينيه إلى السماء، وهو يتمتم بدعاء كله حرارة وخشوع وحب، لا يمكن للنفس الإنسانية أن تصرح بها لحظة كرب كهذه:
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ ضَعْفَ قُوَّتِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وَهَوَانِي عَلَى النَّاسِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَنْتَ رَبُّ الْمُسْتَضْعَفِينَ، وَأَنْتَ رَبِّي، إِلَى مَنْ تَكِلُنِي؟ إِلَى عَدُوٍّ يَتَجَهَّمُنِي، أَمْ إِلَى قَرِيبٍ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي؟ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَلَيَّ فَلَا أُبَالِي، لَكِنْ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي؛ أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ مِنْ أَجْلِهِ الظُّلُمَاتُ، وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُحِلَّ بِي غَضَبَكَ، أَوْ تُنْزِلَ عَلَيَّ سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ».
وعقب هذه الصدمة القاسية رجع النبي إلى مكة، ولكن محنة أخرى كانت تنتظره هناك.
1 / 130