266

The Multiplicity of Caliphs and the Unity of the Ummah: Jurisprudence, History, and Future

تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا

Noocyada

المنطقة بين سنتي ٢٦٣ - ٢٧٦ هـ، الموافق ٨٧٦ - ٨٨٩ م (١).
ولذلك أرسل إلى المغرب داعِييَن ماهرَين؛ هما أبو سفيان والحلواني، فنشرا المقالة الشيعية في منطقة قبيلة كتامة وما حولها، وعرف البربر أمر آل البيت، ودعوة هذين الداعيين للإمام المهدي الذي اقترب أوان ظهوره، فتعلقت قلوب أهل كتامة بالشيعة، وحملوا إليهم الأموال والتحف، فلم يمت هذان الداعيان إلا وقد أثمرت دعوتهما في انتظار صاحب البذر «الإمام» على حد تعبير كتَّاب الشيعة.
وكان الحلواني يقول لشيعته في المغرب: «بُعثت أنا وأبو سفيان فقيل لنا: اذهبا إلى المغرب، فإنما تأتيان أرضًا بورًا فاحرثاها واكرياها وذللاها إلى أن يأتيها صاحب البذر، فيجدها مذللة فيبذر حبه فيها» (٢).
وهكذا فإن الحلواني وأبا سفيان قد أَعَّدا النفوس لقبول فكرة الدخول في الحركة الشيعية، وإقامة دولة لرجل يرتضيه الناس من أهل البيت (٣).
وقد دخلت الدعوة الإسماعيلية بالمغرب طورًا حاسمًا حين أرسل إليها ابنُ حوشب - بعد وفاة أبي سفيان والحلواني- داعية جديدًا يتم ما بدأه السابقان، ويحوِّل الفكر الشيعي من الإطار النظري إلى واقع عملي يتجسد في دولة يحكمها الشيعة بالمغرب، وذلكم الداعية هو أبو عبد الله الشيعي (٤) الذي غادر بلاد اليمن قاصدًا مكة، فوصلها في موسم الحج سنة ٢٧٨ هـ، وسأل عن حجاج كتامة واجتمع بهم، وسمعهم يتحدثون عن فضائل آل البيت، فاشترك معهم في الحديث، ثمَّ سألوه عن الجهة التي سوف يرحل إليها بعد الحج، فقال إنه يريد مصر، فسرُّوا بصحبته ورحلوا جميعًا من مكة وهو يخفي عنهم أغراضه، وما لبثوا أن تعلقوا به لما شهدوه من ورَعه وزهده.
وقد استطاع أبو عبد الله - بما اجتمع له من ضروب الحيل- أن يقف على جميع أحوال حجاج كتامة، فلما وصلوا مصر أخذ يودعهم، فشقَّ عليهم فراقُه

(١) انظر: كتاب البلدان لليعقوبي: ص ٣٥١ - ٣٥٢. الدولة الفاطمية للدكتور أيمن سيد: ص ١١٢.
(٢) رسالة افتتاح الدعوة للقاضي النعمان: ص ٥٧ - ٥٨.
(٣) معالم تاريخ المغرب والأندلس: ص ١٣٩.
(٤) انظر ترجمة أبي عبد الله الشيعي في فهرس التراجم رقم (٢٤).

1 / 266