173

The Clearest Exegesis

أوضح التفاسير

Daabacaha

المطبعة المصرية ومكتبتها

Lambarka Daabacaadda

السادسة

Sanadka Daabacaadda

رمضان ١٣٨٣ هـ - فبراير ١٩٦٤ م

Noocyada

﴿وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ﴾ يعبدون ﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾ غيره ﴿فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوًا﴾ اعتداءً ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ منهم بما يجبلله تعالى ﴿كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ﴾ من أمم الكفار ﴿عَمَلَهُمْ﴾ أي زيناه في زعمهم؛ حيث قالوا: ﴿وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا﴾ وهو كقوله: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءَ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ﴾
﴿وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ غاية اجتهادهم في الأيمان ﴿لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ﴾ معجزة ﴿لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللَّهِ﴾ لا ينزلها بإرادتكم أو إرادتي؛ بل ينزلها متى شاء، وحيث شاء ﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ فقد أنزل الله تعالى على الأمم الآيات تلو الآيات، والمعجزات تلو المعجزات؛ فلم يؤمنوا بها؛ بل ازدادوا كفرًا وعنادًا؛ وقالوا: هذا سحر مبين
﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ﴾ قلوبهم؛ فلا يؤمنوا كما آمن الناس ﴿وَأَبْصَارِهِمْ﴾ فلا يروا الحقائق التي يراها المؤمنون؛ وذلك عقوبة لهم ﴿كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ حين ظهرت آياته البينات، وحججه الظاهرات (انظر آية ٢٠٠ من سورة الشعراء) ﴿وَنَذَرُهُمْ﴾ ندعهم ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ يترددون متحيرين
﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ﴾ كما قالوا: ﴿لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلاَئِكَةُ﴾ ﴿وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى﴾ كما قالوا ﴿فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا﴾ ﴿وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا﴾ جمع قبيل؛ أي أفواجًا. كما قالوا ﴿أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا﴾ أي إنا لو أجبناهم لما سألوا، وحققنا لهم كل ما اقترحوا ﴿مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ﴾ إيمانهم؛ فليلجأوا إلى ساحته، وليهرعوا إلى طاعته
﴿وَكَذلِكَ﴾ كما أن لك أعداء من المشركين ﴿جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ﴾ ممن سبقك ﴿عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ﴾ يزين بعضهم إلى بعض: فتزين شياطين الجن لشياطين الإنس، وتزين شياطين الإنس للإنس بما يوحون به من شرور وفجور وقد قدم تعالى شياطين الإنس على شياطين الجن؛ لأنهم على الشر أقدر؛ وعلى ما يورد الجحيم أطوع؛ وشيطان الجن - مهما علت مرتبته؛ وسمت مكانته؛ في الشر والتزيين والتغرير - فإنك بالاستعاذة منه تمحقه، وبتلاوة القرآن تهلكه أما شيطان الإنس فإنك لو قرأت عليه ما بين دفتي المصحف؛ لما تخلصت منه، ولا ابتعدت عنه إلا إن أعاذك منه اللطيف الخبير، وأنجاك من كيده وشروره وقد قال: «قرناء السوء شر من شياطين الجن» ﴿زُخْرُفَ الْقَوْلِ﴾ ما زينوه من قولهم ووسوستهم في الشر، وإغرائهم على المعاصي ﴿غُرُورًا﴾ خداعًا وباطلًا ﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ﴾ أي لو شاء الله لمنعهم من الإيحاء والوسوسة؛ ولكن الله تركهم امتحانًا لعباده؛ ليعلم أصحاب الإيمان الراسخ؛ المقيمين على العهد، الحافظين للود ﴿فَذَرْهُمْ﴾ دعهم واتركهم

1 / 167