الساعة المتأخرة إلا لأمر حدث. قالت: فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره، فجلس رسول الله ﷺ وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر، فقال رسول الله ﷺ: "أخرج عني من عندك"، قال: يا رسول الله إنما هما ابنتاي، وما ذاك فداك أبي وأمي؟ قال: "إن الله أذن لي في الخروج والهجرة". قالت: فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله؟ قال: "الصحبة".
قالت: فوالله ما شعرت قط -قبل ذلك اليوم- أن أحدًا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذٍ يبكي.
وقد بكى أبو بكر ﵁ من فرط السرور؛ لأنه أدرك مدى النعمة التي مَنّ الله بها عليه، إذ شرفه بصحبة الرسول ﷺ في هذا الوقت العصيب.
وفي تلك الرحلة الخالدة التي ستكون حدًّا فاصلًا بين الحق والباطل وسيتقرر بها مصير الإسلام والمسلمين.
وكان أبو بكر قد جهز راحلتين له وللرسول ﷺ ثم استأجر دليلًا خبيرًا بطرق الصحراء واسمه: عبد الله بن أريقط، وعلى الرغم من أن هذا الرجل كان كافرًا إلا أنهما وثقا من أمانته وإخلاصه، فواعده غار ثور بعد ثلاث ليال.
وكانت الليلة التي خرج فيها رسول الله ﷺ من مكة في العشر الأواخر من شهر صفر. وفي السنة الثالثة عشرة من البعثة النبوية، وكان المشركون قد ترصدوا للرسول ﷺ في تلك الليلة، وأحاطوا بداره لكي ينفذوا مؤامرتهم الغادرة.
وقد أمر رسول الله ﷺ علي بن أبي طالب ﵁ أن يبيت في مكانه وسجّاه ببردته، فكان المشركون إذا نظروا من ثقب الباب وجدوا شبحًا نائمًا وعليه بردة الرسول ﷺ فيعتقدون أنه محمد فيطمئنون، ثم خرج محمد