267

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

النظر الفسيح عند مضائق الأنظار في الجامع الصحيح

Daabacaha

دار سحنون للنشر والتوزيع

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Goobta Daabacaadda

دار السلام للطباعة والنشر

Gobollada
Tuniisiya
كتاب الأحكام
باب ما يكره من الحرص على الإمارة
في حديث أبي موسى الأشعري [٨٠: ٩، ٢]:
(دخلت على النَّبيِّ ﷺ أنا ورجلان من قومي فقال أحد الرَّجلين: أمِّرنا يا رسول الله، وقال الآخر مثله، فقال ﷺ: «إنَّا لا نولِّي هذا من سأله ولا من حرص عليه»).
هذا الحديث تقدم في أول كتاب الإجارة وأخرتُ الكلام عليه إلى هذا الباب؛ لأنه به أنسب.
اعلم أن الظاهر أن مراد رسول الله ﷺ بقوله: «إنا لا نولِّي هذا مَنْ سأله» وفي رواية: «إنا لا نستعمل على عملنا من أراده» - أنه لا يجيب من سأل الولاية حيث لا تكون فيه أهلية لها؛ لأن الرسول ﷺ أعلم بمن يصلح للولاية فسؤاله إياها إحراج له؛ لأنه كان لا يحب ردَّ السائل، فلذلك أعلمهم أن ردَّ مثل هذا السؤال لا ينافي السماحة، وأن الإجابة إلى ذلك ليست من السماحة والكرم؛ لأنه إن كان السائل غير أهل كان في إجابة سؤاله ضرر على الرغبة، وليس إعطاء مصالح المسلمين من السخاء، ولا أظن الرسول ﵊ أراد أن سؤال الإمارة موجب للحرمان منها ولو كان السائل أهلًا؛ إذ لا وجه لحرمان المستحق، كما لا وجه لإعطاء غير المستحق، فإن المرء قد يسأل الولاية لعلمه أنه مضطلع بها وقادر على إجراء مصالح الأمة وإعانة الرسول ﷺ على ذلك، وقد سأل يوسف ﵇ الولاية بقوله: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾. ولأن المستحق قد يسأل الولاية للانتفاع بما فيها من الرزق المعين المأذون فيه شرعًا في نحو قوله تعالى: ﴿والْعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾.
وبهذا تعلم أن ليس سؤال الولاية بجرحة ولا تهمة كما ظنه بعض المتفقهين أخذًا من ظاهر هذا الحديث، وقد سأل أبو ذرٍّ من النبي ﷺ الإمارة فقال له النبي ﷺ: «إن فيك ضعفًا» ولم ينهَهُ عن سؤالها. أخرجه مسلم في صحيحه.
وأخرج المصنف في باب قول النبي ﵇ للأنصار: «اصبروا» عن أسيد بن

1 / 271