الثالث: أن يكون الأمر خلافيا، ولكن أراد المتولي أن يقطع الخلاف بالتولية حيث يكون قاضيا أو أراد التصرف بالولاية في مال اليتيم ونحو ذلك.
فإن قلنا: إن لمن صلح لشيء فعلي: جاز له التصرف بما معه من الولاية لا أنه استفاد ذلك بتولية الظالم، لكنه يكون عاصيا بطلب الولاية، ومن جوز التولية منهم أباح له ذلك واستفاد التصرف، وصحة الحكم بتوليتهم هذا حكم.
قال جار الله: وعن النبي : ((رحم الله أخي يوسف لو لم يقل: اجعلني على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته، لكنه أخر ذلك سنة)).
الحكم الثاني: جواز تزكية النفس إذا كان يترتب عليه مصلحة؛ لأن يوسف -عليه السلام - قال: إني حفيظ عليم، وإنما الممنوع أن يقول ذلك على وجه الافتخار والتطاول، وقد : ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر)).
الحكم الثالث: أن المتولي للأمور لا بد أن يكون أمينا، فتولية الخائن لا تجوز ولا بد أن يكون عليما بيما يتصرف فيه، فإن كان عاملا عرف من الفقه ما يأخذ منه وقدر المأخوذ، وكذلك يعرف في كل ولاية ما يتصرف فيه،
وقد فسر قول يوسف: إني حفيظ عليم بأن لا أصرف المال إلا في موضعه.
وقوله عليم: إي عليم بوجوه التدبير فيها.
وقيل: كاتب، وقيل: عالم بالحساب.
وههنا فرع :وهو في تولية من يعتاد السهو والغفلة، وقد قال في الانتصار: إن كان ذلك غالبا لم يجز توليته القضاء، وإن كان نادرا جاز، وكذا يأتي في غيره، وكذا يأتي في إمام الصلاة :إنه إذا كثر نسيانه وغلب لم يجز له أن يؤم؛ لأنه يدخل في ضمانة لا يقوم بحفظها، وإن كان نادرا جاز.
وأما تولية من لا يكتب للقضاء ونحو ذلك من الولايات العظيمة فللشافعي قولان:
أحدهما: الجواز، واختاره صاحب النهاية؛ لأنه كان أميا.
والثاني:- واختاره الإمام يحيى - أنه لا يجوز، وأن كون النبي كان أميا معجزة له فهو مخصوص بذلك من حيث إنه مع كونه أميا جاء بما يعجز عنه كل فصيح.
قوله تعالى:
{فعرفهم وهم له منكرون}، وقوله تعالى:
Bogga 78