قيل: المعنى أن الساقي نسي ما استوصاه يوسف، وهو أن يذكره عند ملك مصر وهو ربه، والمعنى ذكره لربه، ولهذا قال تعالى: {وادكر بعد أمة}.
وقيل: المعنى فأنساه الشيطان، أي : أنسى يوسف ذكر الله تعالى حتى فزع إلى المخلوق، فاستعان به وهذا مروي عن ابن عباس، والأصم والحسن، والأول مروي عن الحسن، وأبي علي، وأبي مسلم، وأبي إسحاق.
وروي عن النبي أنه قال: ((رحم الله يوسف لولا كلمته ما لبث في السجن طول ما لبث)).
وعنه : ((عجبت من أخي يوسف كيف استعان بمخلوق)).
وروي أن جبريل أتاه وقال: يا يوسف يقول لك ربك ما استحيت أن استعنت بالآدميين لألبثنك في السجن بضع سنين، فقال يوسف: وهو في في ذلك عني راض؟
قال: نعم.
قال: لا أبالي، وفي هذه تنبيه وهو أن يقال لما أنكر على يوسف الاستعانة بغير الله في كشف ما به، وقد قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}.
وقال تعالى في حكايته عن عيسى -عليه السلام-: {من أنصاري إلى الله}.
وفي الحديث عنه : ((الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم)).
وعنه : ((من فرج عن مؤمن كربة، فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة)).
وعن عائشة أنه لم يأخذه النوم ليلة من الليالي وكان يطلب من يحرسه حتى جاء سعد بن أبي وقاص فسمعت غطيطه، وهل ذلك إلا مثل التداوي بالأودية، والتقوي بالأطعمة والأشربة، وإن كان ذلك لكفر الملك فلا خلاف بجواز الاستعانة بالكافر لدفع الظلم، والغرق والحرق، ونحو ذلك، هذا كلام الزمخشري.
وقد أجيب عن هذا بوجوه:
الأول: أن الله سبحانه لما اصطفى الأنبياء على خليقته اصطفى لهم أحسن الأمور، والأولى لهم أن من ابتلي ببلاء إلا يكل أمره إلا إلى الله خصوصا إذا كان المستعان كافرا؛ لئلا يشمت به الكفار، ويقولوا: لو كان معه ربه يعينه لما استعان بنا.
Bogga 75