عشر قرنًا ولا يزال غضًا طريًا معجزًا جميع البشر محفوظًا بحفظ الله من أي تحريف أو تبديل مع مروره خلال تلك القرون على أهل البيان، وحملة علم اللسان، وأئمة البلاغة، وفرسان البراعة، والملحد فيهم كثير. والمعادي للشرع عدد وفير، فما منهم من أحد استطاع معارضته، أو قدر على مطعن صحيح فيه، وسيظل كذلك إلى يوم القيامة.
الوجه السابع: جمعه لعلوم ومعارف لا عهد للعرب بها عامة، ولا لمحمد ﷺ قبل نبوته خاصة بمعرفتها، ولا يحيط بها أحد من علماء الأمم، ولا يشتمل عليها كتاب من كتبهم، فقد جمع في هذا الكتاب من بيان علم الشرائع والتنبيه على طرق الحجج العقلية، والرد على فرق الأمم ببراهين وأدلة بينة سهلة الألفاظ، موجزة المقاصد. كما حوى من علوم السير وأبناء الأمم والمواعظ والحكم، محاسن الآداب والشيم، وأخبار الدار الآخرة، وأخبار وأحوال كثير من العالم الغيبي، فلم يترك القرآن علمًا إلا ذكره، ولا فنًا إلا نبه إليه، ولا كمالًا إلا حض عليه. وسيظل القرآن بحر علوم وفنون لا ينفد، ومنار هداية لمن استرشد، وبرهان الحقائق ما كبر منها وما صغر وصدق الله القائل: ﴿ونزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين﴾ [النحل: ٨٩]. والقائل: ﴿ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون﴾ [الزمر: ٢٧]. وصدق ﷺ إذ قال في هذا القرآن: "إن الله أنزل هذا القرآن آمرًا وزاجرًا، وسنة خالية، ومثلًا مضروبًا، فيه نبؤكم،