[الصف: 6]... الخ، ورؤيا أمى التى رأت حين وضعتنى أنه أضاءت بى قصور الشام، وهو صلى الله عليه وسلم دعوة أبيه إسماعيل أيضا لهذه الآية، ولم يذكره النبى صلى الله عليه وسلم لأنه تبع لأبيه إبراهيم، ولأن أباه إبراهيم هو الأصل فى هذا الدعاء الذى فى الآية { يتلوا } يقرأ { عليهم ءايتك } أى القرآن، والمراد معانية، لكن بألفاظه، وهو دلائل النبوة والتوحيد والشرع { ويعلمهم الكتب } القرآن أيضا، والمراد لفظه، أو الآيات ألفاظه، والكتاب معانيه عكس ذلك، أى ويعلمهم معانيه { والحكمة } ما فيه من الأحكام بينهما لهم أو الحكمة العمل به، أو وضع الأشياء فى مواضعها، أو ما يزيل حب الدنيا، أو الآداب أو السنة { ويزكيهم } من الشرك والمعاصى، ومعلوم أن التخلية قبل التحلية، ولكن أخرها هنا لشرف التحلية هذه، ولتقدم التخلية هذه فى الذهن والقصد، فجىء بترتيب الذهن، ولو تقدمت التخلية فى الخارج، ولأن المقصود التحلية والخلية وسيلة { إنك أنت العزيز } الغالب لمن أراد مخالفته فالغلبة فعل أو المنتفى عنه الذل فهى صفة { الحكيم } فى صنعه، لا يقول عبثا، ولا يفعله، ولا سفها، ولا يضع الشىء إلا فى موضعه.
[2.130]
{ ومن يرغب } توبيخ ونفى لأن يصح عقلا أو شرعا، تصويب أن يرغب راغب { عن ملة إبراهيم } وبتركها { إلا من سفه نفسه } حملها على الخسة والحقارة وهو متعد، لقوله صلى الله عليه وسلم،
" الكبر أن تسقه الحق "
.. إلخ بفتح الفاء، فى رواية التخفيف، واللازم سفه بضمها، أو تعدى فى الآية، لتضمن معنى جهل، أو أهلكها، أو أذلها بالإعراض عن النظر، وأن أصله اللزوم، أى جهلها لخفة عقله، أو جهل أنها مخلوقة لله، أو يقدر سفه فى نفسه { ولقد اصطفينه } اخترناه للرسالة والخلة والإمامة والحكمة { في الدنيا } وشهر بذلك فى الأزمنة بعده عند مسلميها وكافريها { وإنه في الآخرة } حال من اسم إن على قول سيبويه، بجواز الحال من المبتدأ، أو متعلق بنسبة الكلام، أى وأنه محكوم عليه فى الآخرة بأنه من الصالحين، وإن علقناه بقوله { لمن الصلحين } أو بمتعلقه المحذوف، أى لمعدود أو ثابت من الصالحين فى الآخرة، ففيه خروج الللام فى إن عن المصدر، كما هو ظاهر، وأنه على ذلك لشهيد، وإنه لحب الخير الشديد، ولا يتعلق بصالحين لأنه ليس المراد، أنه يصلح فى الآخرة، بل المراد أن يتبين فى الآخرة، ويشاهد أنه من جملة الصالحين والذين لهم الدرجات العلا.
[2.131]
{ وإذ قال له ربه أسلم } اذكر إذ قال، أو متعلق باصطفيناه، والتعليل مستفاد من المقام، فإنه إذا قيل اصطفيناه وقت قال له... الخ علم أن الإصطفاء لقوهل، أسلمت... الخ بعد قوله الله جل وعلا أسلم، أو حرف تعليل، كما تكون على وعن حرفا واسما، بل كما قال سيبويه فى إذ ما أن إذ حرف، وفى غير الشرط اسم، أى نال الاصطفاء بالمبادرة إلى الإذعان والإخلاص، ومعنى أسلم أذعن وأخلص وجهك، وجاء على المعنيين، { قال أسلمت لرب العلمين } أو أسلم، لفظه أمر، ومعناه إخطار دلائل التوحيد بباله، كالقمر والشمس والنجم، فيكون قوله، أسلمت مجازا عن النظر والمعرفة على حد، كن فيكون، والمراد بالآية على كل حال ما بعد النبوة أو قبلها حين كبر، فالمراد ازدياد ذلك، أو ما فى حال الصغر، إذ كان فى الغار، فيكون المراد إنشاء ذلك
ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل
[الأنبياء: 51] وتقدم على هذا أيضا أن كل مولود يولد على الفطرة، قال ابن عيينة، دعا عبدالله بن سلام ابنى أخيه سلمة، ومهاجر إلى الإسلام، وقال، قد علمتهما، أن الله قال فى التوراة، إنى باعث من ولد إسماعيل نبيا اسمه أحمد، من آمن به فقد هدى ورشد، ومن لم يؤمن به فهو ملعون، فنزل، ومن يرغب، الآية. قال السيوطى: لم نجذ هذا فى شىء من كتب الحديث.
[2.132]
Bog aan la aqoon