حُلَفَائِكَ فَإِنَّهُمْ أَرْسَلُوا إِلَيْكَ مِنْ بَيْنِ الأَوْسِ". قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمْ وَقَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ فَهَشُّوا إِلَيَّ وَقَالُوا: يَا أَبَا لُبَابَةَ! نَحْنُ مَوَالِيكَ دُونَ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَقَامَ كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ فَقَالَ: أَنَا بَشِيرٌ! قَدْ عَرَفْتَ مَا صَنَعْنَا فِي أَمْرِكَ وَأَمْرِ قَوْمِكَ يَوْمَ الْحَدَائِقِ وَيَوْمَ بُعَاثٍ وَكُلُّ حَرْبٍ كُنْتُمْ فِيهَا وَقَدِ اشْتَدَّ عَلَيْنَا الْحِصَارُ وَهَلَكْنَا وَمُحَمَّدٌ يَأْبَى أَنْ يُفَارِقَ حِصْنَنَا حَتَّى نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِهِ فَلَوْ زَالَ عَنَّا لَحِقْنَا بِأَرْضِ الشَّامِ أَوْ خَيْبَرَ وَلَمْ نُكْثِرْ عَلَيْهِ جَمْعًا أَبَدًا فَمَا تَرَى فَإِنَّا قَدِ اخْتَرْنَاكَ عَلَى غَيْرِكَ إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ أَبَى إِلا أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِهِ قَالَ: نَعَمْ فَانْزِلُوا وَأَوْمَأَ إِلَى حَلْقِهِ: فَهُوَ الذَّبْحُ.
قَالَ: فندمت فاسترجعت فقال: كعب: مالك يَا أَبَا لُبَابَةَ؟ فَقُلْتُ: خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَنَزَلْتُ وَإِنَّ لِحْيَتِي لَمُبْتَلَّةٌ بِالدُّمُوعِ وَالنَّاسُ يَنْتَظِرُونَ رُجُوعِي إِلَيْهِمْ حَتَّى أَخَذْتُ مِنْ وَرَاءِ الْحِصْنِ طَرِيقًا آخَرَ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَسْجِدَ فَارْتَبَطْتُ وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَهَابِي وَمَا صَنَعْتُ فَقَالَ: "دَعُوهُ حَتَّى يُحْدِثُ اللَّهُ فِيهِ مَا يَشَاءُ لَوْ كَانَ جَاءَنِي اسْتَغْفَرْتُ لَهُ فَأَمَّا إِذْ لَمْ يَأْتِنِي وَذَهَبَ فَدَعُوهُ".
قَالَ: فَحَدَّثَنِي مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: وَارْتَبَطَ أَبُو لُبَابَةَ سَبْعًا فِي حَرٍّ شَدِيدٍ لا يَأْكُلُ وَلا يَشْرَبُ وَقَالَ: لا أَزَالُ هَكَذَا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا أَوْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيَّ قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى يُسْمَعَ الصوت من الجهد ورَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَنْظُرُ إِلَيْهِ بُكْرَةً وَعِشِيَّةً ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَنُودِيَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَابَ عَلَيْكَ وَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَيْهِ لِيُطْلِقَ عَنْهُ رِبَاطَهُ فَأَبَى أَنْ يُطْلِقَهُ عَنْهُ أَحَدٌ غَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَحَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيُّ ﷺ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَحِلُّ رِبَاطَهُ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَيَرْفَعُ صَوْتَهُ يُكَلِّمُهُ وَيُخْبِرُهُ بِتَوْبَتِهِ وَمَا يَدْرِي كَثِيرًا مِمَّا يَقُولُ لَهُ مِنَ الْجَهْدِ وَالضَّعْفِ. وَلَقَدْ كَانَ الرِّبَاطُ حَزَّ فِي ذِرَاعِهِ وَكَانَ مِنْ شَعْرٍ وَكَانَ يُدَاوِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ دَهْرًا.
٤٥ - توبة أبي هريرة ﵁ عن فتواه في امرأة زانية وقرأت في تنبيه الغافلين عن أبي هريرة قال: خرجت ذات ليلة بعد
٤٥ - توبة أبي هريرة ﵁ عن فتواه في امرأة زانية وقرأت في تنبيه الغافلين عن أبي هريرة قال: خرجت ذات ليلة بعد
1 / 68