Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Noocyada
أما الصبر بالأمر: ففي الآية إضمار بقوله تعالى: { ولنبلونكم بشيء } [البقرة: 155] يعني: ولنبلونكم بأوامر هذه الأشياء، فالأمر بالخوف كقوله تعالى:
وخافون إن كنتم مؤمنين
[آل عمران: 175]، والأمر بالجوع بصيام شهر رمضان، والأمر بنقصان المال بأداء الزكاة، والأنفس بالجهاد في سبيل الله، والثمرات بأداء العشر منها.
وأما الصبر بالاختيار: ففي قوله تعالى: { ولنبلونكم بشيء } [البقرة: 155]، إشارة إلى أنا نخبركم هل تختارون { بشيء من الخوف } [البقرة: 155]، الخوف بأن يخافوا من الله ويفروا منه إليه، والجوع فتجوعون تقربا إلى الله تعالى، كما كان إخبار النبي صلى الله عليه وسلم:
" أجوع يوما وأشبع يوما، فإذا جعت تضرعت إليك وصبرت، وإذا شبعت ذكرتك وشكرتك "
ونقص من الأموال فتخرجون عنها بتركها والإنفاق في سبيل الله، والأنفس فبذل الروح في طلب الحق، والثمرات فبالغذاء في طريق الحق كل ثمرة أثمرته شجر الوجود حتى الولد كما كان حال الخليل عليه السلام في صحيح مقام الخلة ببذل المال والنفس والولد.
وأما الصبر بالاضطرار: وهو الصبر على المصائب التي تقع من غير الاختيار كما سبق ذكره.
ثم نعت الصابرين بقوله: { إذآ أصابتهم مصيبة } [البقرة: 156] يعني: بالأمر أو بالاختيار أو بالاضطرار، كما ذكرنا { قالوا إنا لله } [البقرة: 156] أي: ليس لنا وجود حقيقي تملكه بل وجودنا مجازي، وله مالك له الوجود الحقيقي { وإنآ إليه راجعون } [البقرة: 156]، ببذل الوجود المجازي لنيل الوجود الحقيقي في مقام العندية، فيخرج من عندنا ببذل ما عندنا؛ ليدخلنا في مقعد صدق عند مليك مقتدر، فإن ما عندنا ينفد وما عند الله باق { أولئك عليهم صلوات } [البقرة: 157]، جذبات { من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } [البقرة: 157]، المفلحون بجذبات الحق إلى مقام العندية والتخلق بخلق من الأخلاق، وهو الصبر وهو الذي يشير به الصابرون بقوله تعالى: { وبشر الصابرين } [البقرة: 155] أعني: صلوات بجذبات الحق والاهتداء بها إلى مقام العندية.
ثم أخبر عن شعائر الله بقوله تعالى: { إن الصفا والمروة من شعآئر الله } [البقرة: 158]، والإشارة فيها أن الله تعالى شعائر الظاهر دالة على شعائر الباطن؛ لتستدل العبد بإقامة مراسم شعائر الله في الظاهر بالصفاء والمروة من شعائر الله في الباطن، فالصفا السر والمروة الروح، وللسالك بينهما سعي فساعة يسعى صفاء السر بقطع التعلقات عن الكونين، والتفرد عن التقلين تبتلا إلى الله تعالى لقوله تعالى:
وتبتل إليه تبتيلا
Bog aan la aqoon