192

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Noocyada

[ص: 44]، فيبتلي الرجل على حسب دينه فمنهم من يبتليهم الله بالخوف، وقال: { بشيء من الخوف } يعني ببعضه والسر فيه أن يكون البلاء لأهل العناية بقدر فوته، واستطاعته في النعمة والمحبة يستخرج منه الشكر والصبر، وهما جوهران من معادن الروحانية ولو زاد على قدرة القوة والاستطاعة في النعمة والمحنة ما يخرج إلا ضد الشكر والصبر، وهما الكفران والجزع وهما جوهران من معادن النفسانيات لأهل الرد.

ولهذا قال تعالى:

وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم

[الحجر: 21] أي: بقدر قدرة أهل القبول والعناية وعدم قوة أهل الرد والسخط، ومنهم من يبتليهم الله بالجوع { والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات } [البقرة: 155]، أو ببعض دون بعض من هذه الجملة أو بمجموعها، ثم قال: { وبشر الصابرين } [البقرة: 155]، بشارة في الحال، أما في الحال فبشر الصابرين على الخوف بالتوكل واليقين والشجاعة، وعلى الجوع بتزكية النفس وتنقية القلب وتصفية الروح وتحلية السر، وعلى نقص الأموال بدفع الحرص والغفلة، وإزالة حب الدنيا فإنه رأس كل خطيئة، وحصول القناعة وهي كنز لا يفنى ومال لا ينفد وشعار الصالحين، وهو العضد وعلى نقصان الأنفس إن كان بالمرض بكفارة الذنوب، وإن كان بموت الأقرباء بقطع التعلقات والتجرد عن العلائق، وعلى آفة الثمرات بالخلف من الله تعالى في الحال، وأما في الحال فبشره بالنجاة من العذاب والدرجات والثواب بغير حساب كقوله تعالى:

إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب

[الزمر: 10]، وفيه معنى آخر في غاية اللطافة وهو بشر الصابرين بأني لهم معهم في كل حال من حالات الصبر وتصبرهم على المصائب وتخلقهم بخلق من أخلاقه، وهو الصبر ولو لم يكن معهم باللطف والعناية لما قدروا على الصبر يدل على هذا قوله تعالى:

والله مع الصابرين

[البقرة: 249]، وقال تعالى:

واصبر وما صبرك إلا بالله

[النحل: 127]، والصبر هاهنا محمول على ثلاثة أوجه: صبر بالأمر، وصبر بالاختيار، وصبر الاضطرار.

Bog aan la aqoon