Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Noocyada
" فدعا كل نبي دعوته وادخرت دعوتي شفاعة لأمتي "
، فلما قدر الله تعالى شرف الكعبة أن تكون قبلته وقبلة أمته، فانعكس مسطور الكتاب من الكعبة في مرآة قلب النبي صلى الله عليه وسلم فظهر فيه داعية استقبال القبلة ليقضي الله أمرا كان مفعولا، وكان تقلب قلبه إلى الله تعالى وتقلب وجهه إلى السماء لأنه كان قمر جبريل عليه السلام، فقال تعالى: { قد نرى تقلب وجهك في السمآء فلنولينك قبلة ترضاها } [البقرة: 144]، فالحبيب يترك سؤاله بطلب رضائه والرب يطلب رضاء رسوله بإنجاز مأموله { فول وجهك شطر المسجد الحرام } [البقرة: 144]، يعني ول قلبك رب المسجد الحرام بقلب الوجه إلى المسجد الحرام.
{ وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم } [البقرة: 144]، أي: وجوه قلوبكم { شطره } [البقرة: 144] أي: إلى الله إن كنتم في البيوت أو في المساجد { وإن الذين أوتوا الكتاب } [البقرة: 144]، من أهل العلوم الظاهرة { ليعلمون أنه الحق من ربهم } [البقرة: 144]، علما لا ينتفعون به ليكون حجة لهم بل حجة عليهم { وما الله بغافل عما يعملون } [البقرة: 144]، تأييدا للأولياء وتهويلا للأعداء.
ثم أخبر عن ثبات الأعداء على قدم الكفر وثبات الأولياء على قدم الإيمان بقوله تعالى: { ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية } [البقرة: 145]، والإشارة فيها أن الحكم السابق الأزلي سبق للأولياء بالقبول والإيمان وللأعداء بالرد والخذلان وبينهما برزخ لا يبغيان، ولئن أتيت يا محمد أهل الخذلان بكل آية { ما تبعوا قبلتك } [البقرة: 145]، ولا يزيدهم إلا الطغيان { ومآ أنت بتابع قبلتهم } [البقرة: 145]، لأنك على بصيرة وهم عميان، { وما بعضهم بتابع قبلة بعض } [البقرة: 145]، وإن كانوا كلهم أهل الأهواء لأنهم مختلفون الآراء { ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جآءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين } [البقرة: 145]، معناه أن أتباع أهل الأهواء ممن سبقت لهم العناية الأزلية وهو عالم بها ظلم وعدوان، وهذا من شيم أرباب الخسران والضدان لا يجتمعان.
ثم أخبر عن معرفتهم النبي صلى الله عليه وسلم وجحود بعضهم بقوله تعالى: { الذين آتيناهم الكتاب } [البقرة: 146] أي: أعطيناهم الكتاب دراية وفهما، { يعرفونه } [البقرة: 146]، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم بنور فهم الكتاب بقوله تعالى:
ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشآء من عبادنا
[الشورى: 52]، { كما يعرفون أبناءهم } [البقرة: 146]، بنور الحس ونور الباطن أقوى من المعرفة من النور الظاهر فمن كان مصباح قلبه منورا بنور الكتاب، والإيمان إذا نظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم والولي يعرفهم بسيماهم.
كما قال تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم:
تعرفهم بسيماهم
[البقرة: 273]، كما كان حال عبد الله ابن سلام رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ونظرت إلى وجهه علمت أنه ليس بوجه كذاب { وإن فريقا منهم } [البقرة: 146]، المعرفة ما عرفوه حق معرفته وجحدوا به لقوله تعالى:
Bog aan la aqoon