Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Noocyada
وقال تعالى: { قل لله المشرق والمغرب } [البقرة: 142]، فإن شرقوا فلله وإن غربوا فبالله، فلا توجه لقلوبهم إلا إلى وجه الله { يهدي من يشآء } [البقرة: 142]، من أوليائه وأحبائه { إلى صراط مستقيم } [البقرة: 142]، لقائه بآلائه ونعمائه.
[2.143-148]
ثم أخبر عن كمال فضله مع هذه الأمة وحكمة تحويل القبلة بقوله تعالى: { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهدآء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } [البقرة: 143]، والإشارة فيها أن الله تعالى جعل بمحض العناية والكرم هذه الأمة وسطا عند الأمم وجعل في هذه الأمة هذه الطائفة بهم يمطرون وبهم يرزقون وهم القطب، وعليهم المركز وبهم حفظ الله جميع الأقطار فمن قبلته قلوبهم فهو المقبول المقبل ومن ردته قلوبهم فهو المدبر المردود؛ لأنهم شهود الحق يشاهدون وينظرونه به ويبصرون ويطالعون ولهذا قال: { لتكونوا شهدآء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } [البقرة: 143]، فكما أن للرسول صلى الله عليه وسلم مقاما أعلى من مقاماتهم وشهودا فوق شهادتهم، فيكون شهيدا عليهم فكذلك لهم مقام أعلى من مقامات الناس فيكونون مشرفين على سرائرهم مطلعين على ما في ضمائرهم من الكفر والإيمان والطاعة والعصيان فيشهدون عليهم، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" أنتم شهداء الله في أرضه "
وقال:
كنتم خير أمة أخرجت للناس
[آل عمران: 110]، فلا يخفى أن هذا من سيرة القوم وإن كانوا أغرب من عنقاء مغرب اليوم، ولما أراد الله أن يميز بين المحق الموافق وبين المقلد المنافق حكم في أمر القبلة بالتحويل ليكبر على من نظر بعين التفرقة حكم التبديل، كقوله تعالى: { وما جعلنا القبلة التي كنت عليهآ إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله } [البقرة: 143]، ومن نظر بعين الحقيقة فيهديه الله للتسليم في العبودية فيستسلم لأحكام الربوبية، ثم قال تعالى: { وما كان الله ليضيع إيمانكم } [البقرة: 143] أي: من كان لله بجميع أوصافه كان الله له بجميع ألطافه: { إن الله بالناس لرءوف رحيم } [البقرة: 143]، من قرع باب رأفته فتح الله له أبواب رحمته.
ثم أخبر عن علة تحويل القبلة بقوله تعالى: { قد نرى تقلب وجهك في السمآء } [البقرة: 144]، والإشارة فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم من مكان تأدبه بآداب أدبه ربه بها لم يكن يظهر مع الله سؤاله، ولا يستدعي باللسان مأموله رعاية الآداب القربة؛ إذ أوحى الله تعالى إليه:
" من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته فوق مسألة السائلين "
ومن كون نفقته على هذه الأمة كان يدخر دعوته المستجابة:
Bog aan la aqoon