157

Tawdih

التوضيح في حل عوامض التنقيح

Baare

زكريا عميرات

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Sanadka Daabacaadda

1416هـ - 1996م.

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Usulul Fiqh

وإما أن لا يجب لكن الفاعل يرجح أحد المتساويين وإن أراد بالفعل الإيقاع فيعين ما قلنا في الإيقاع هذا الذي ذكرنا هو إبطال دليل الجبر فالآن جئنا إلى إثبات ما هو الحق وهو التوسط بين الجبر والقدر أي ما هو حاصل بمجموع خلق الله تعالى وفعل العبد فنقول التفرقة ضرورية بين الأفعال الاختيارية والاضطرارية وليست التفرقة بمجرد كونها موافقة لإرادتنا لأن الإرادة إن كانت صفة بها يرجح الفاعل أحد المتساويين ويخصص الأشياء بما هي عليه من الخصوصيات يلزم من وجود الإرادة لنا كون الترجيح والتخصيص صادرين منا وهو المطلوب وإن لم يكونا صادرين منا لا تكون الإرادة إلا مجرد شوق فيجب أن لا يقع فرق بين الاختيارية والاضطرارية التي تشتاق إليها كحركة نبضنا على نسق نشتهي أن تكون عليه لكنا نفرق بينهما ونعلم أن الأولى بفعلنا لا الثانية وأيضا نفرق في الاختياريات بين ما نقدر على تركه وبين ما لا نقدر على تركه كانحدار إلى صبب بالعدو الشديد الذي لا نقدر على الإمساك عنه وكذا نفرق في الترك بين ما نقدر على الفعل وبين ما لا نقدر أيضا قد نفعل بداعية وقد نفعل بلا داعية فعلم أن العلم الوجداني قاض بأنا نفعل من غير اضطرار ولا وجوب ونرجح أحد المتساويين أو المرجوح وهذا الترجيح هو الاختيار والقصد ثم مع ذلك نشاهد خوارق العادات في صدور الأفعال كالحركات القوية من القوى الضعيفة كقطع مسافة بعيدة في طرفة عين وأمثاله وكذا في عدم صدورها كما تواتر في أخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصديقين أن الكفار قصدوهم بأنواع الأذى فلم يقدروا على ذلك مع سلامة الآلات وتوافر الدواعي والإرادات مع قدرتهم في ذلك الزمان على أمور أشق من ذلك فعلم أن المؤثر في وجود الحركة أي الحالة المذكورة ليس قدرة العبد وإرادته إذ لو كان لم يخالف إرادته ولو كان مؤثرا طبعا فيما جرى عليه العادة لم يوجد خوارق العادات وأيضا لا تمكن الحركات إلا بتمديد الأعصاب وإرخائها ولا شعور لنا بشيء من ذلك ولا ندري أي عصبة يجب تمديدها لتحصيل الحركة المخصوصة وكذا لا شعور لنا بكيفية خروج الحروف عن مخارجها فعلم من وجدان ما يدل على الاختيار ووجدان اختيار العبد ليس مؤثرا في وجود الحالة المذكورة أنه جرى عادته تعالى أنا متى قصدنا الحركة الاختيارية قصدا جازما من غير اضطرار إلى القصد يخلق الله تعالى عقيبه الحالة المذكورة الاختيارية وإن لم نقصد لم يخلق ثم القصد مخلوق الله بمعنى أنه تعالى خلق قدرة يصرفها العبد إلى كل منهما على سبيل البدل ثم صرفها إلى واحد معين بفعل العبد وهو القصد والاختيار فالقصد مخلوق الله بمعنى استناده لا على سبيل الوجوب إلى موجودات هي مخلوقة الله تعالى لا أن الله خلق هذا الصرف مقصورا لأن هذا ينافي خلق القدرة فحصلت الحالة المذكورة بمجموع خلق الله واختيار العبد فلهذا قال قلنا توقفه على مرجح لا يوجب كونه اضطراريا لأن لاختياره تأثيرا في فعله أيضا

Bogga 351