هذه بعض فضائل التوبة، وأسرارها، ومن خلال ذلك يتبين لنا عظم شأن التوبة، وكبير منزلتها عند الله، كما يتبين_أيضا_حكمة الله_عز وجل_في خلق المعاصي، وتقدير السيئات.
الفصل الثاني
هناك أخطاء في باب التوبة يقع فيها كثير من الناس، وذلك ناتج عن الجهل بمفهوم التوبة، أو التفريط وقلة المبالاة، فمن تلك الأخطاء مايلي:
1_ تأجيل التوبة: فمن الناس من يدرك خطأه، ويعلم حرمة ما يقع فيه، ولكنه يؤجل التوبة، ويسوف فيها؛ فمنهم من يؤخرها إلى ما بعد الزواج، أو التخرج، ومنهم من يؤجلها ريثما تتقدم به السن، إلى غير ذلك من دواعي التأجيل.
وهذا خطأ عظيم؛ لأن التوبة واجبة على الفور؛ فأوامر الله ورسوله"على الفور ما لم يقم دليل على جواز تأخيرها.
بل إن تأخير التوبة ذنب يجب أن يستغفر منه.
قال الغزالي×: =أما وجوبها على الفور فلا يستراب فيه؛ إذ معرفة كون المعاصي مهلكات من نفس الإيمان، وهو واجب على الفور+(55).
وقال ابن القيم×: =المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور، ولا يجوز تأخيرها؛ فمتى أخرها عصى بالتأخر، فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى، وهي توبته من تأخير التوبة.
وقل أن تخطر هذه ببال التائب، بل عنده أنه إذا تاب من الذنب لم يبق عليه شيء آخر، وقد بقي عليه التوبة من تأخير التوبة+(56).
أخرج ابن أبي الدنيا×في قصر الأمل عن عكرمة×في قوله_تعالى_: [ويقذفون بالغيب من مكان بعيد] سبأ: 53 قال: =إذا قيل لهم: توبوا، قالوا: سوف+(57).
فعلى العبد أن يعجل بالتوبة؛ لوجوب ذلك؛ ولئلا تصير المعاصي رانا على قلبه، وطبعا لا يقبل المحو، أو أن تعاجله المنية مصرا على ذنبه.
ثم إن ترك المبادرة للتوبة مدعاة لصعوبتها، وسبب لفعل ذنوب أخرى.
قال النبي": =إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه، فإذا تاب، ونزع, واستغفر صقل قلبه منها.
Bogga 21