فلما لم أجد فيكم من يعين الصادق المحق، ويأمر بالمعروف ويرغب في الجهاد، ويختار رضا الله جل وعز على رضا المخلوقين إلا القليل من القبيلة، واليسير من الجماعة، أنزلت هذه الدينا من نفسي أخس المنازل، وآثرت الآخرة الكريمة محالها، الشريفة منازلها، العلية مراتبها، واخترت الباقي الدائم على الفاني الزائل، وتمسكت بطاعة رب العالمين وذلك من غير زهد مني في جهاد ا لظالمين، ومنابذة الفاسقين، ومباينة الجائرين، مع علمي بما فرض الله عز وجل منه على عباده في وقته وحينه وأوانه ، وأيقنت مع الأحوال التي وصفتها والموانع التي ذكرتها أن السلامة عند الله في الزهد في الدنيا والاشتغال بعبادة رب العالمين، والاعتزال من جميع المخلوقين، وذلك بعد رجوعي إلى كتاب الله جل وعز، واشتغال خاطري بتدبر آياته، وإعمال نظري وفكري في أوامره وزواجره، ومحكمه ومتشابهه، وخاصه وعامه، وأمره ونهيه، وناسخه ومنسوخه، فوجدته يوجب علي التبري من هذا الأمر إيجابا محكما، ويلزمني تركه إلزاما قاطعا.
فاتبعت عند ذلك أمر الله ونزلت عند حكمه، ورضيت بقضائه، فإن يقم لله عز وجل بعد ذلك علي حجة ووجدت على الحق أعوانا، وفي الدين إخوانا، قمت بأمر الله طالبا لثوابه، حاكما بكتابه، متقلدا لأمره، متبعا سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لا أفارقه ولا أعدل عنه حتى يعز الله الحق، ويبطل الباطل، أو ألحق بصالح سلفي الذين مضوا لله طائعين، ولأمره متبعين، وبأمره قائمين، وإن لم أجد على ذلك أعوانا صادقين، وإخوانا لأمر الله متبعين، لم أدخل بعد اليقين في الشبه، ولم أتلبس بما ليس لي عند الله بحجة، وكنت في ذلك كما قال الله تعالى: ?فتول عنهم فما أنت بملوم?[الذاريات:54].
أمثلي يدخل في الأمور« المشتبهة» الملتبسة؟!!
Bogga 536