[خطبته بعد وفاة والده (ع)]
فلما هدأت الأصوات، وسكنت الأجراس، قال المرتضى -رضي الله عنه: الحمد لله رب العالمين، ومالك يوم الدين، ونستعينه على شكر ما أصبحنا نتقلب فيه من نعمه التي لا تحصى، ونحمده على ما أصابنا من خير وبلوى، ونسأله الصلاة على سيد المرسلين، وإمام المتقين محمد النبي المصطفى وآله أجمعين، ثم إن الله جل وعز أمر أمورا، وفرض على خلقه فروضا، لم يرض منهم إلا بالعمل بها، والتسارع إلى ما فرض الله عليهم منها، وأرسل محمدا خاتم النبيين، بشيرا ونذيرا إلى جميع المخلوقين، وأنزل عليه كتابا فيه نور مبين، وشفاء لما في الصدور، ?لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد?[فصلت:42]، أمر عباده بالعمل على ما فرضه عليهم وأكد من الأمر عليهم بعد أن أعطاهم الاستطاعة، ومكنهم من القدرة على ما أمرهم به ودعاهم إليه ?ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم?[الأنفال:42].
ولسنا (رحمكم الله) بأبناء دنيا فنتكالب عليها، ولا بأهل الباطل فنطلب الأمارة والسلطان والأمر والنهي من غير استحقاق، وعلى غير جهة رشد وسداد، واستقامة وصلاح، أكثركم يعلم كيف كنتم للهادي رضي الله عنه بعد دعائكم إياه إلى بلادكم وبيعتكم له على كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم وإحياء معالم الدين، ومجاهدة الجبارين الظالمين، ألم ينقض أكثركم تلك العهود المؤكدة والمواثيق المغلظة؟!
ألم ينكث جلكم أيمانكم بعد توكيدها، وقد جعلتم الله عليكم كفيلا؟!
ألم يدع أكثركم الحق جهرا واتبع الباطل وباع الكثير الباقي بالتافه اليسير الفاني؟!
Bogga 532