73

فنهض عليه السلام من صعدة ثم لقيه الأمير إدريس بن عبدالله بن داوود وغيره من الأشراف إلى بني شهاب فبايعوه ثم تقدم إلى رصابة ولقيه السيد الهادي بن إبراهيم، والقاضي أحمد بن عبدالله الدواري لتمام الموضوعات، فلما علم بذلك مقدم السلطان ارتفع فرجع بعد ارتفاعه أهل الدولة عن الموضوعات، فقام عليه السلام في رصابة ثم نهض إلى معبر، واستخلف السيد علي بن أبي الفضائل في رصابة، وكان كبير أهل معبر [يومئذ](1) حمزة بن عمر فبايعه ورهن ولده فكان بعض الأيام وقام عليه السلام للوضوء للظهر فلما توسط فيه أقبل عسكر عظيم فقال من بحضرته عليه السلام: هؤلاء يريدون الوصول إليك فأنجز الوضوء والصلاة ولم يعلموا أن شيخ معبر قد باعهم فوصل أهل الدولة وأحاطو بالدار التي هو فيها عليه السلام فانحاز خدمه إليها، فلما عرف عليه السلام أنه لا طاقة لجنده على المدافعة وقع الخطاب على سلامة من معه من الشيعة والخدم ويخرج هو إليهم يذهبون به معهم وصاحوا لهم بالأمان، فلما صار عليه السلام في جامع معبر نقضوا عهدهم وقتلوا من كان في الدار وكان ممن قتل ثمانية من الشيعة وسلم من عيون الشيعة الفقيه سليمان بن إبراهيم النحوي، والفقيه أحمد بن موسى العباسي، والفقيه إبراهيم بن محمد بن يوسف، والمقري معوضة بن حسين، والمقري الورد بن العماد رفعهم مزين من مزاينة الدولة فأسروهم معه عليه السلام ودخلوا بهم ذمار دخلة منكرة ثم قيدوه عليه السلام وقيدوا معه السيد علي بن هادي(2) بن المهدي، والفقيه سليمان وغيرهما بقيود ثقيلة وأطلقوا الباقي (من الشيعة)(3)، ثم ساروا بهم إلى صنعاء فلما قربوا منها أحاط بهم السفهاء والسوقة يؤذونهم بالكلام الفاحش وهو في المحمل. فقال الفقيه سليمان: (أدع الله عليهم يدفع فحشهم)(4) عنا فرفع -عليه السلام- سجاف المحمل وسلم عليهم فلما رأوه كفوا [عن](1) الأذية ودعوا الله أن ينفعهم به، ولما دخلوا صنعاء تولى أمرهم علي بن صالح الجرعي وكان (هو)(2) الوالي وأهل الرسامة تحت يده، فلبث -عليه السلام- في السجن من سنة أربع وتسعين وسبعمائة إلى سنة إحدى وثمان مائة مدة اللبث سبع سنين وأحدى عشر يوما.

وفي أثناء هذه المدة صنف الإمام عليه السلام (الأزهار) في السجن .

وكيفية تصنيفه: (أنه كان يملي)(3) على السيد علي بن الهادي عبارته وهو يكتبها في الأبواب المسمرة(4) عليهم بمداد جص يأخذه من الجدران ثم يتغيبه حتى ختم الكتاب في قدر سنتين، فلما خرج السيد علي وهو متغيب نسخه وانتشر انتشارا كليا، ثم سخر الله تعالى قلوب الرسم والخدم، فكانوا يدخلون له ما يشاء من الكاغد والمداد وآلة الكتابة، وأخذ عليه السلام في الغيث المدرار فجمع منه إلى كتاب البيع ولطف الله تعالى بالرسم ببركاته عليه السلام فتعلموا كتاب الله تعالى.

Bogga 72