فصل: في الارادة والمشيئة قال الشيخ أبو جعفر - رحمه الله - (1 و2) نقول: شاء الله وأراد (3) ولم يحب ولم
---
(1) الاعتقادات ص 30. (2) عنه في البحار 5: 90 - 91 / 1. (3) هذا الفصل من فروع بحث الارادة، وقد استحق من المتكلمين عناية وعنوانا مفردا على أثر الاختلاف العظيم بين العلماء وزعماء المذاهب في المشيئة الالهية المذكورة في آيات الذكر الحكيم متعلقة بامور غير مرضية لديه سبحانه، ثم في تأويلها بوجوه لا تخلو عن التكلف في الاكثر، وأهمها آية الانعام: 148 (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) ثم آية الزخرف: 20 (وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون) وآيات كثيرة توهم تعلق إرادة الخالق بما يستقبحه المخلوق، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. أما السلف الصالح من آل محمد، فلا يسبقهم سابق ولا يلحقهم لاحق في الاصرار على تنزيه الرب سبحانه وتقدسه عن كل ما هو قبيح أو شبه قبيح وشدة استنكارهم تعلق مشيئة الله أو إرادته بشرك أو ظلم أو فاحشة قط، فضلا عن فعله أو خلق فعله أو الامر به، إذ كل ذلك عندهم خلاف حكمته وعدله وفضله، كذلك الحسيات العامة في البشر تجل ذوي العدل والفضل عن التمدح بارادة القبائح، فكيف ترمي بها الحرم الالهي. أما الجواب عن الايتين فبأن المقالة فيهما عن لسان المشركين، ومقالة المشركين من شأنها أن تورد للرد عليها لا للاخذ بها، فالايتان إذن حجتان لاهل العدل لا عليهم، ولا سيما بعد اشتمالهما على ذم القائلين بهذه المقالة ونسبتهم إلى التخرص والجهالة. ش.
--- [ 49 ]
Bogga 48