بزجاجةٍ رقصتْ بما في جوفها ... رقص القلوص براكبٍ مستعجلِ
وقال آخر
نورٍ تحدرَ من فمِ الإبريقِ ... في ريحِ كافورٍ ولونِ خلوقِ
فكأنّها وشرارها متطائرٌ ... والماءُ يطفئُها لهيبُ حريقِ
وقال ابن أبي عون الكاتب
وللشمسِ في ضمنِ الدهورِ وديعةٌ ... تقومُ مقامَ الشمسِ إنْ غابتِ الشمسُ
يحققُها المستودعونَ فانجلتْ ... فلم يبقَ إلا الحسُّ منها أو الدسُ
وليس لها حد تحيطُ بوصفهِ الل ... غاتُ ولا جسم يباشره اللمس
تلاعبها كفُّ المزاجِ محبةً ... لها وليجري ذات بينهما الأنس
فتزبد من تيهٍ عليه كأنها ... عزيزةُ خدرٍ قد تخبطها اللمسُ
وقال أبو نواس
ثمَّ لما مزجوها ... وثبتْ وثبَ الجرادِ
ثمَّ لما شربوها ... أخذتْ أخذَ الرقادِ
ونحوه قوله
ولها دبيبٌ في العظامِ كأنه ... قبضُ النعاسِ وأخذهُ بالمفصلِ
عبقتْ أكفهمُ بها فكأنما ... يتنازعونَ بها سخابَ قرنفلِ
ومثله له
فأرسلتْ من فمِ الإبريقِ صافيةً ... مثلَ اللسانِ جرى واستمسك الجسدُ
وقال الطائي
وكأسٍ كمعسولِ الأماني شربتُها ... ولكنها أجلتْ وقد شربتْ عقلي
إذا عوتبت بالماء كان اعتذارها ... لهيبًا كوقعِ النارِ في الحطبِ الجزل
إذا اليدُ نالتها بوترٍ توقرتْ ... على ضغنها ثمَّ استقادتْ من الرجلِ
وقال ديك الجن
وقم أنتَ فاحثنثْ كأسنا غيرَ صاغرٍ ... ولا تسقِ مطبوخًا وأسقِ عقارها
فقامَ تكادُ الكأسُ تخضبُ كفهُ ... وتحسبهُ من وجنتيهِ استعارها
موردةٌ في كفِّ ظبيٍ كأنما ... تناولها من خدهِ فأدارها
فظلنا بأيدينا نتعتعُ روحها ... وتأخذُ من أقدامنا الراحُ ثارها
وأخذ ابن المعتز قوله: كأنما ... تناولها من خده فأدارها وزاد عليه فقال
تدورُ علينا الكأسُ من كفِّ شادنٍ ... له لحظُ عينٍ تشتكي السقم مدنفُ
كأنَّ سلافَ الخمرِ من ماءِ خدهِ ... وعنقودها من شعرهِ الجعدِ يقطفُ
وقال الطائي
وقهوةٍ كوكبُها يزهرُ ... يسطعُ منها المسكُ والعنبرُ
ورديةٍ يحثها شادنٌ ... كأنها من خدهِ تعصرُ
مهفهفٌ لم يبتسم ضاحكًا ... مذ كان إلا كسد الجوهرُ
وقال ابن المعتز
ونارٍ قدحناها سراعًا بسحرةٍ ... متى ما يرقْ ماءٌ عليها توقدِ
يجولُ حبابُ الماءِ في جنباتها ... كما جالَ دمعٌ فوقَ خدٍ موردِ
وقال أبو نواس
فإذا علاها الماء ألبسها ... نمشًا شبيهَ جلاجلِ الحجلِ
حتى إذا سكنتْ جوانحها ... كتبتْ بمثلِ أكارِعِ النمل
وقال ابن المعتز
كأنَّ في كأسِها والماءُ يقرعها ... أكارعَ النملِ أو نقشَ الخواتيمِ
وقال المنسرح
للماء فيها كتابةٌ عجبٌ ... كمثلِ نقشٍ في فصِّ ياقوتِ
وقال مسلم
إذا مسها الساقي أعارتْ بنانه ... جلابيبَ كالجاديّ من لونها صفر
أناخَ عليها أغبرُ اللون أجوفٌ ... فصارتْ له قلبًا وصارَ لها صدرا
أبتْ أن ينالَ الدنُّ مسَّ أديمها ... فحاكَ لها الإزبادُ من دونها سترا
وقال البحتري
ألا ربما كأسٍ سقاني سلافها ... رهيفُ التثني واضحُ الثغرِ أشنبُ
إذا أخذت أطرافهُ من فتورها ... رأيتَ اللجينَ بالمدامةِ يذهبُ
كأنَّ بعينيهِ الذي جاء حاملًا ... بكفيهِ من ناجودِها حين يقطبُ
وله
صافحتْ في وداعِنا فأرتنا ... ذهبًا من خضابها في لجينِ
وقال أبو الشيص
سقاني بها والليلُ قد شابَ رأسهُ ... غزال بحناءِ الزجاجةِ مختضبْ
وله أيضًا المتقارب
يدور علينا بها شادنٌ ... يداهُ من الكأسِ مخضوبتانِ
وقال أبو نواس
شمولْ إذا شجتْ تقولُ عقيقةٌ ... تنافسَ فيها السومُ بين تجارِ
كأنّ بقايا ما عفى من حبابها ... تفاريق شيبٍ في سوادِ عذارِ
تعاطيكها كفٌ كأنَّ بنانها ... إذا اعترضتها العين صفُّ مدارِ
وقال ابن المعتز المنسرح
فاشربْ عقارًا كأنها قبسٌ ... قد سبكَ الدهرُ تبرها فصفا
1 / 39