من عيونٍ كأنها دمعةُ المه ... جورِ يبكي وعينهُ مرهاء
وقال الأعشى في صفائها
تريكَ القذى من دونها وهي دونهُ ... إذا ذاقها من ذاقها يتمطقُ
وسئل النظام عن الزجاج فقال لا يخفى القذى ولا يسترُ وجه النديم وعيبه أنه يسرع إليه الكسر ولا يقبل الجبر. ومن حسن ما شبهتْ به قول أبي نواس المنسرح
ثمَّ توجأتُ رأسها بشبا ال ... اشفى فجاءت كأنها لهب
أقولُ لما حكتهما شبهًا ... أيهما للتشابه الذهب
هما سواءٌ والفرقُ بينهما ... أنهما جامدٌ ومنسكبُ
وقال ابن المعتز
يا نديميَّ أسقياني فقد لا ... حَ صباحٌ وأذنَ الناقوسُ
من كميتٍ كأنها أرضُ تبرٍ ... في نواحيه لؤلؤٌ مغروسُ
وقال أبو نواس
عتقتْ في الدنّ حتى ... هيَ في رقةِ ديني
ثم شجتْ فأدارتْ ... حولها مثل العيونِ
حدقًا ترنوا إلينا ... لمْ تحجرْ بجفونِ
ذهبًا يثمرُ درًا ... كلَّ إبانٍ وحينِ
وله أيضًا المنسرح
وخندريسٍ باكرتُ حانتها ... فودجوا خصرها بمبزالِ
فسالَ عرقٌ على ترائبها ... كأنَّ مجراهُ فتلُ خلخالِ
وقال ابن المعتز المنسرح
تخرج من دنها وقد حدبتْ ... مثل هلالٍ بدا بتقويسِ
من لامني في المدام فهو كمنْ ... يمشقُ بالماءِ في القراطيسِ
وقال أوس بن حجر
سأرقمُ في الماءِ القراحِ إليكمُ ... على نأيكمْ إنْ كان للماءِ راقمُ
وقال أبو نواس
فإذا ما اجتليتها فهباءٌ ... تمنعُ الكفَّ ما تبيحُ العيونا
ثمَّ شجتْ فاستضحكتْ عن لآلٍ ... لوْ تجمعنَ في يدٍ لاقتنينا
في كؤوسٍ كأنهنَّ نجومٌ ... جارياتٌ بروجها أيدينا
طالعاتٌ مع السقاةِ علينا ... فإذا ما غربنَ يغربنَ فينا
لو ترى الشربَ حولها من بعيدٍ ... قلتَ قومًا من قرةٍ يصطلونا
وقال ابن المعتز
ظبيٌ خليٌّ من الأحزانِ أودعني ... ما يعلمُ اللهُ من حزنٍ ومن قلقِ
كأنه وكأنَّ الكأسَ في يدهِ ... هلالُ أولِ شهرٍ عبَّ في شفقِ
وقال ابن الرومي
ومهفهفٍ تمت محاسنه ... حتى تجاوز منية النفسِ
تصبو الكؤوس إلى مراشفهِ ... وتهشُّ في يدهِ من الحبسِ
وكأنه والكأسُ في يدهِ ... قمرٌ يقبلُ عارضَ الشمسِ
وقال أبو نواس
إذا عبَّ فيها شاربُ القومِ خلتهُ ... يقبلُ في داجٍ من الليلِ كوكبا
وله أيضًا
وكأنّ شاربها لفرطِ شعاعها ... بالليلِ يكرعُ في سنى مقباسِ
وقال ابن المعتز
يا حسنَ أحمدَ غاديًا أمسِ ... بمدامةٍ صفراء كالورسِ
وكأنّ كفيهِ تقسمُ في ... أقداحنا قطعًا من الشمسِ
وقال ابن الرومي المنسرح
ونحن نسقَى شرابَ ذي أدبٍ ... ثناءُهُ من فواكهِ الرفقِ
يلقاك في رقةِ الشرابِ وفي ... نشرِ الخزامى وصفرةِ الشفقِ
له صريحٌ كأنه ذهبٌ ... ورغوةٌ كاللآلئ القلقِ
وتشبيه الحباب بأنصاف اللؤلؤ أحسن من تشبيهه بجميعه وقال ابن المعتز
أسقَى مخدرةَ الدنا ... نِ سلافَ خمرٍ قرقفا
راحًا كأنَّ حبابها ... درٌ يجولُ مجوفا
وقال أبو نواس
كأنّ صغرَى وكبرَى من فواقعِها ... حصباءُ درٍّ على أرضٍ من الذهبِ
وله
ثمَّ شجتْ فأدارتْ ... فوقها طوقًا فدارا
كاقترانِ الدرِّ بالدُّ ... رِ صغارًا وكبارا
فإذا ما اعترضتهُ ال ... عينُ منْ حيثُ استدارا
خلتهُ في جنباتِ ال ... كأسِ واواتٍ صغارا
وقال آخر
فجاء بها كالشمسِ يحكي حبابها ... نجومَ الثريا في الزجاجِ لنا حسنا
وقال أبو نواس المنسرح
تلعبُ لعبَ السرابِ في قدحِ ال ... قومِ إذا ما حبابُها اتصلا
وقال ابن المعتز
وكأسٍ تحجبُ الأبصارُ عنها ... فليسَ لناظرٍ فيها طريقُ
كأنّ غمامةً بيضاءَ بيني ... وبينَ الريحِ تخرقُها البروقُ
وقال أبو نواس
صرفٍ إذا استنبطتَ سورتها ... أدتْ إلى معقولكَ الفرحا
وكأنّ فيها من جنادبها ... فرسًا إذا سكنتهُ جمحا
وأخذ من قول حسان في كلمته
1 / 38