وهذا مأخوذ من قول عبد الله بن أبي السمط بن مروان في كلمة له المتقارب
كأن الثديَّ إذا ما بدتْ ... وزانَ العقودُ بهن النحورا
حقاقٌ من العاجِ مكنونةٌ ... يسعنَ من الدرِ شيئًا كثيرا
وله على لسان رجل يقال له حمدان بن سالم
وثديٍ نواهدٍ ... كزوايا القماطرِ
وقال علي بن الجهم وإنْ لم يكن فيه تشبيه
كنتُ مشتاقًا وما يحجزني ... عنكِ إلا حاجزٌ يمنعني
شاخصٌ في الصدرِ غضبانٌ على ... قببِ البطنِ وطيِّ العكنِ
يملأُ الكفَّ ولا يفصلها ... فإذا ثنيتهُ لا ينثني
وقال ابن الرومي في قيانٍ
ملقماتٌ أطفالهنَّ ثديًا ... ناهداتٍ كأحسنِ الرمانِ
مفعماتٌ كأنها حافلاتٌ ... وهي صفرٌ من درةِ الألبانِ
باب ٢٢ في
القيان
ومن حسن التشبيه في قينةٍ قول بعضهم وهون عكاشة
من كفِّ جاريةٍ كأنَّ بنانها ... من فضةٍ قد طرفتْ عنابا
وكأنّ يمناها إذا نطقتْ بها ... تلقى على يدها الشمالِ حسابا
ومثل البيت الأول لأبي نواس
يا قمرًا أبررهُ مأتمٌ ... يندبُ شجوًا بين أترابِ
يبكي فيذرِي الدرَ من عينهِ ... ويلطمُ الوردَ بعنابِ
ومما يجمع حسن التشبيه وقرب الاستعارة قول ابن الرومي يصف مغنيات
وقيانٍ كأنها أمهاتٌ ... عاطفاتٌ على بنيها حواني
مطفلاتٌ وما حملنَ جنينًا ... مرضعاتٌ ولسن ذاتَ لبانِ
ملقماتٌ أطفالهنَّ ثديًا ... ناهداتٍ كأحسنِ الرمانِ
مفعماتٌ كأنها حافلاتٌ ... وهيَ صفرٌ من درةِ الألبانِ
كل طفلٍ يدعَى بأسماء شتى ... بينَ عودٍ ومزهرٍ وكرانِ
أمه دهرها تترجمُ عنه ... وهوَ بادي الغنى عن الترجمانِ
أوتِي الحكمَ والبيانَ صبيًا ... مثل عيسى بن مريم ذي الجنان
وأنشد الطائي
فكأنه في حجرها ولدٌ لها ... ضمتهُ بين ترائبٍ ولبانِ
طورًا تدغدغُ بطنهُ فإذا هفا ... عركتْ له أذنًا من الآذانِ
وقال الناجم في قينةٍ المتقارب
إذا احتضنتْ عودها عاتب ... وناغتهُ أحسنَ أن يعربا
تدغدغُ في مهلٍ بطنهُ ... فيحضرنا ضحكًا معجبا
وتعرك من أذنهِ إن هفا ... وفي الحقِ تأديبُ من أذنبا
وقد أدبَ الناسُ أمثالهُ ... ولكنه رأس من أدبا
وقال الحمدوني في تشبيه العود
وناطقٍ بلسانٍ لا ضمير له ... كأنه فخذ نيطتْ إلى قدمِ
يبدي ضميرَ سواهُ في الحديثِ كما ... يبدي ضميرَ سواه الخطُّ بالقلبِ
وقال آخر
كأنّ تمثالهُ ساقٌ على قدمٍ ... نيطتْ إلى فخذٍ بانت عن الكفلِ
آذانهُ منه قد جمعنَ أربعةً ... تجيبُ أربعةً في كفِ معتملِ
فذا أغنُّ وهذا فيه زمزمةٌ ... وذاك صافٍ وهذا فيه كالصحلِ
وقال أبو ملك الأعرج في صفة العود
ومعملةٍ نواطق من كرانِ ... بمشقوقٍ من البيضِ الرقاقِ
له عينانِ تحتَ النحرِ منه ... حكتْ إحداهما قمرَ المحاقِ
إذا غنتْ قديمًا أو حديثًا ... فما للجيبِ من كفيكَ واقِ
وقال أحمد بن يوسف المتقارب
دَعِ العودَ عنا فما أصلقهْ ... وعدِّ إلى القصفِ والزفزفةْ
بأبلجَ كالبدرِ في خدهِ ... إذا كان في مجلسٍ أرجفهْ
فعارضهُ ابن أبي عون الكاتب فقال المتقارب
ألا قبحَ الدفُّ ما أسخفهْ ... وواهًا على العودِ ما أشرفهْ
مرابضهُ من نحورِ القيانِ ... إلى حدِّ أفخاذها المترفهْ
وتلعبُ في عقد أوتارهِ ... أناملُ مصقولةٌ مرهفهْ
كجسِ النطاسي نبضَ العروقِ ... لعلمِ الصحيحة والمدنفه
تناجيك بالصوتِ أوتارهُ ... فتوفيكَ ألسنها أحرفهْ
ومثل ذلك قول الناجم في قينةٍ المتقارب
لقد جادَ من عاتبٍ ضربها ... وزادَ كما جاء تغريدها
إذا نوتِ الصوتَ قبلَ الغنا ... ءِ أنشدنا شعرها عودها
وقال في زامرة
ما حضرتنا قتولُ غلا ... أذكتْ بتطرابها جوانا
تصدحُ بالصوتِ قيل يأتي ... كأنّ في نايها لسانا
ومن حسن الاستعارة قوله في قينةٍ
تأتي أغاني عاتب ... أبدًا بإفراحِ النفوسِ
1 / 25