وفي الصحو بعد المحو لم أك غيرها
وذاتي بذاتي إذ تجلت تحلت
وما زلت إياها وإياي لم تزل
ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحبت
وقد شرح هذه النظرية بهاء الدين العاملي في كتيب أسماه «الوحدة الوجودية»، وهو كتيب يقرأ، وأهم ما فيه هو الدفاع عن ظهور الله بصورة محسوسة، فقد روى الحديث المأثور عن الرسول
صلى الله عليه وسلم : «رأيت ربي على صورة شاب أمرد فوضع كفه بين كتفيذض فوجدت برده بين ثديي»، ثم قال:
فإذا جاز تجليه سبحانه وتعالى في صورة شخصية، فما المانع من أن تكون سائر الصور الأرضية والسماوية صور تجلياته، وشئون ظهور ذاته؟ فإن قلت: إن الصورة المذكورة التي تجلى الله تعالى فيها صورة حسنة فكيف يقاس عليها الصور التي بخلافها في الحسن والنورانية مثل الأشياء النجسة والمتقذرة؟ يقولون في الجواب: إن نجاسة الأشياء وتقذرها ليست وصفا ثابتا لها في أنفسها، فإن كل طبيعة متعينة لها ملاءمة بالنسبة إلى البعض ومنافرة بالنسبة إلى البعض الآخر وذلك من آثار ما به الاشتراك وما به الاختلاف الواقع من التعيين، فأيهما غلب ظهر حكمه من الملاءمة والمنافرة. والنجاسة الواقعة في بعض الأشياء إنما هي بالنسبة إلى ما يقابلها من الطبائع التي وقعت بينها أسباب المخالفة فهي لا تثبت لشيء إلا بالنسبة إلى ما يقابلها لا بالنسبة إلى الإطلاق والمطلق، فهي وما يقابلها مما سمي نظافة على السوية بالنسبة للمطلق.
17
وما حكم به العاملي على الصور المقبولة والمرذولة يحكم به على ساتر الأحكام الكونية كالألم والتلذذ والسعادة والشقاوة والحسن والقبح، فكل هذه لا يلزم منها نقص ولا شين للحقيقة الكلية، إذ ليس الشين والنقص لشيء إلا كون ذلك الشيء في معرض الإمكان والحدوث. «والوجود الحق الواجب في ذاته، الكامل بصفاته، السابق موجوديته على جميع حالاته، ممتنع أن يحوم النقص حول عظمة ذاته، فكل ما ظهر في الكون من الكمال فهو من لوازم ذي الجلال والجمال، وما طرأ من النقص والزوال، فهو من أحكام التعين والتنزل والإنزال».
18
Bog aan la aqoon