217

Tasawwuf

التصوف الإسلامي في الأدب والأخلاق

Noocyada

15

أما ابن عربي فألف كتابه وهو في حيوية قوية، حيوية في الجسم وحيوية في العقل، ومن أجل هذا نراه يفترع الأفكار افتراع الفحول، وإن كان لم يفرغ من كتابه هذا إلا قبل موته بثلاث سنين.

ولقوة الشخصية أثر في الحيوية الأدبية، والأدباء لا يخدمون لغتهم بالبيان وحده، وإنما يخدمونها بالبيان المقتحم الذي يوقظ المشاعر والعقول.

ويمكن أيضا أن نقول : إن كتاب الإحياء يصلح لكل قارئ، أما كتاب الفتوحات فيتسامى على أوساط القراء، فهو لون من الأريستوقراطية العقلية؛ لأنه يعز على من يرومه من سواد الناس، ويطول على من لم تؤهله ثقافته إلى المشاركة في مصاولة العقول.

دفاع العاملي

تلكم جوانب من ابن عربي تمثل شخصيته الأدبية والذوقية، ولكن بقي جانب مهم هو قوله بوحدة الوجود، وهذه المسألة لها أثر في طريقة فهمه لقواعد الأخلاق.

ونبادر فنذكر أن الإشارات إلى وحدة الوجود منبثة في كتاب الفتوحات، ولكن ابن عربي يتكلم في تحفظ واحتراس، وليس من همنا في هذا البحث أن نبين كيف وصلت هذه الفكرة إلى ابن عربي، فقد سبقنا الدكتور أبو العلاء عفيفي إلى ذلك في بحث نشره في مجلة كلية الآداب (مايو سنة 1933)، وإنما يهمنا أن نشرح هذه الفكرة ونبين خطرها في الأخلاق.

والقائلون بهذه الفكرة يختلفون في تصويرها إلى فريقين: فريق يرى الله روحا ويرى العالم جسما لذلك الروح، فالله هو كل شيء، وفريق يرى جميع الموجودات لا حقيقة لوجودها غير وجود الله فكل شيء هو الله.

16

ونظرية وحدة الوجود شغلت جمهورا كبيرا من علماء الإسلام، واصطنعها كثير من أقطاب الصوفية منهم ابن الفارض الذي يقول:

Bog aan la aqoon