Tasawwuf Wa Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Noocyada
واستقر كلام صفيه ونجيه في قلبه، فلما آب إلى منزله وانتهى من أوراده وتسبيحاته لم يجد قلبه خالصا، بل وجد كلام صفيه ونجيه أحمد البهلول يراوده، ويأخذ عليه مجامع قلبه، وخواطر نفسه، حتى إذا أسلمه الجهد إلى سنة من النوم؛ إذ بطيف تتلألأ أجنحته، ويفوح طيبه وعطره، يهمس له في منامه بالإشارة والبشارة.
وإذا بالبشارة والإشارة تتحولان إلى كلام حلو جميل لازم قلب الشعراني طوال حياته. «إن أردت حياة قلبك الحياة التي لا موت بعدها؛ فاخرج عن الركون إلى الخلق، ومت عن هواك وإرادتك، فهناك يحييك الله - عز وجل - حياة لا موت بعدها، ويغنيك غنى لا فقر بعده، ويعطيك عطاء لا منع بعده، ويريحك راحة لا تعب بعدها، ويعلمك علما لا جهل بعده، ويطهرك طهارة لا تدنيس بعدها، ويرفع قدرك في قلوب عباده فلا تحقر بعدها.
قد ذهبت أيام المحن وجاءت أيام المنن ...»
واستيقظ الشعراني عامر القلب بالأماني، فانطلق إلى شيوخ الطريق - وهم بعض أصدقائه وبعض شيوخه - ولنترك الشعراني يحدثنا بحديثه القلبي عن انتقاله من مقامات العلم والزهد إلى مقامات الفتح والصفاء. «... ولقد اجتمعت بخلائق لا تحصى من أهل الطريق، التمس لديهم المفاتيح والأبواب، فلم يكن لي وديعة عند أحد منهم سوى ثلاثة: علي المرصفي، ومحمد الشناوي، وعلي الخواص - رضي الله عنهم.
فسلكت على يد الأولين شيئا يسيرا، وكان فطامي على يد علي الخواص، أعني الفطام اليسير المعهود بين القوم، وإلا فالحق أنه لا فطام حتى يموت الإنسان.
ومنهم عرفت يقينا أنه لا بد من شيخ في الطريق كما قال موسى للخضر:
هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا .
وقد اعترف الإمام أحمد بن حنبل لأبي حمزة البغدادي بالفضل عليه كما اعترف الإمام ابن سريح لأبي القاسم الجنيد.
وكان الغزالي يقول بعد اجتماعه بشيخه: ضيعنا عمرنا بالبطالة، وهو حجة الإسلام، وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام - وهو من هو - يقول: ما عرفت الإسلام الكامل إلا بعد اجتماعي على الشيخ أبي الحسن الشاذلي.
ولما اجتمعت بأهل الطريق قالوا لي: اجعل أعمالك كلها مقاصد لتحضر فيها مع الله تعالى، ولا تتخذها وسائل فتموت ولا تصل إلى مقصودك، فقربوا علي الطريق ...»
Bog aan la aqoon