مسائله الواضحة يمنع فهم ذلك الفن، فالأولى أن يبدأ المنطق بشرح حسام كاتي، ثم بشرح الشمسية، إلى تمام تصديقاته مجردا عن الحاشية، ثم الطالب مخير، إن شاء اكتفى من ذلك الفن بهذا القدر، إن شاء اشتغل ببعض الحواشي مثل حاشية قول أحمد، على طريق المباحثة ودرك الدقائق، وذلك إنما يكون بعد معرفة طرق المناظرة.
وأما علم المناظرة:
ويسمى أيضا علم آداب البحث وصناعة التوجيه، فهو قوانين يميز بها الموجه من الأبحاث عن غير الموجه، وموضوعه الأبحاث، لأنه يبحث فيه عن أعراضها، وهي كونها موجهة، ومن ليس له بضاعة من هذا الفن لا يكاد يفهم أبحاث العلوم، وهذا الفن يقارب ما ذكره الأصوليون في باب القياس، لكنه ليس بعينه، إذ هذا الفن ينطبق (على الدليل المنطقي وما ذكره الأصوليون منطبق) على القياس الفقهي مع أن بينهما تخالفا في بعض الاصطلاحات ولفظ العلم ليس جزء من اسم الفن، فاسم الفن: المناظرة وآداب البحث، وقد يطلق المناظرة في الاصطلاح على صفة المناظرين أيضا، وهي بهذا المعنى تعرف بالنظر من الجانيين. وعامة طلبة زماننا يشتغلون بالشروح والحواشي، من نسخ هذا الفن مدة مديدة ولا يحصلون من بضاعة، وذلك لعدم إفرادهم المتن بالدرس، ولم أصادف في هذا الفن متنا جامعًا يقرب إلى الفهم، والبائس الفقير جمع عامة مسائله في رسالة سماها "تقرير قوانين المناظرة" ثم اختصرها واقتصر على الأهم منها في رسالة سماها "ولدية".
1 / 141