قبائل خولان ، فثار ابن عباد الاكيلي في صعدة كما تقدم ، وأول هذه القصيدة :
نام خدن الحرب من بعد الأرق
واستلذ العيش من بعد الشرق
ومنها :
جهلوا حربي وظنوا أنه
أكلهم خبز النصارى بالمرق (1)
هذه نظرة عجلى في الموضوع وسنعود إليه في الكلام على نجران أيام الإمام القاسم إن شاء الله ، ولنعد إلى تتمة أخبار ابي جعفر محمد بن عبيد الله ، بعد قتله انتقلت عائلته الى دار محمد بن منجاب (2) المداني فقام هو وحرمه بأمر هذه العائلة أتم قيام ، وجمع الصبيان من أيدي شرار بني الحرث ، ومن جملتهم موسى ومحمد وعبيد الله وعمره عشر سنين ، فأرسل ابن حميد في طلبه وأمر ابن منجاب ان يأتيه به ليقتله فانكر ابن منجاب وجوده وحلف على ذلك ، ثم أتى نفر من أهل نجران الى ابن حميد وطلبوا منه جثة محمد بن عبد الله فوهبها لهم فأخذوها وكفنوها وصلوا عليها ، ودفنوها بالقرب من قرية الهجر في موضع يقال له البلاط.
وها نحن نسجل كلمات الشكر لأولئك الرجال بعد مضي أكثر من عشرة قرون ونعد نفوسهم العالية من نوادر الطبيعة ، وأمثلة الابداع ، بذلك المجتمع الذي لا ترى فيه إلا نفوسا متوحشة ، وضمائر منحرفة ، وطبائع ملتوية واتجاهات إلى غير غاية وبين تلك الأوشاب ، تظهر نفوسا تحلت بالرحمة ، وتجلت عليها آثار الرأفة وقلوبا مملوءة بالحنان ، وجنانا يحنو على البائس من بني الانسان ، فما أجدر تلك النفوس بالشكر وأحقها بالثناء :
ما مات من نبل الرجال وفضلهم
يحيا لدى التأريخ وهو عظام
Bogga 141