لإخضاع اليمن وبهذا الجيش غلظ أمر ابن زياد واتسع ملكه وشمل نفوذه حضرموت والشحر ومرباط وعدن والتهايم الى حلي بن يعقوب ، وملك من الجبال الجند وأعماله ومخلاف جعفر ، ومخلاف المعافر وصنعاء وأعمالها ونجران وبيحان والحجاز بأسره (1) وقلد مولاه جعفر الجبال واشترط على أهل تهامة ألا يركبوا الخيل ولم يزل مواليا لبني العباس يخطب لهم على المنابر ويحمل إليهم الأموال العظيمة والهدايا النفيسة مالكا لليمن بأسرها إلى أن توفى سنة 245 خمس وأربعين ومائتين.
وسنأتي على ذكر عمال حكومة بغداد على اليمن وتعدادهم تفصيلا في السنين التي خرجوا فيها ، وكان ينبغي ذكرهم تباعا من سنة 206 وما بعدها ، ولكن حكومة بني زياد ستتفرق أنباؤها ، ويصعب على القارىء ضبطها ، وما عمدنا إلى هذا إلا لما قرأنا في كتب التاريخ اليمنية وغيرها ، من أن بني زياد ملكوا اليمن بأسره ، وبعضهم يستثني آخر أيام إسحق بن ابراهيم المعروف بأبي الجيش ، ويقول انه لما أسن وكبر ضعف عن إدارة الملك ، واستخف به بعض ولاته ، فتغلبوا عليه كما سيمر بك قريبا ، وعلى كل تقدير فإنه لا يعقل ان ترسل حكومة بغداد عاملها على اليمن يجبي الأموال وينفذ ما يريد ، ويبطش بمن ناواه وجاذبه حبل سيادته ، وملك اليمن بأسره ، والحجاز بأسره كما زعم عمارة والخزرجي والجندي قابع قبوع القنفذ في قريته التي عمرها على وادي زبيد ، والذي يلوح لنا من خلال الحوادث انه كان يمتد نفوذ بني زياد على غير التهائم في بعض الفترات ، وقد جرى الأستاذ المعاصر الشيخ محمد الحضري في كتابه المحاضرات الإسلامية على منهاج المتقدمين ، كأبي الفدا وصبح الأعشى ، وغيرهم ، فزعم أن محمد بن عبد الله بن زياد صار باليمن كملك مستقل إلا انه كان يوالي بني العباس.
ولما مات محمد بن زياد في التاريخ المذكور قام بالأمر بعده ولده
Bogga 59