Casriga Soo-noqoshada: Taariikhda Ummadda Carabta (Qaybta Sideedaad)
عصر الانبعاث: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثامن)
Noocyada
3
وممن كان لهم أثر في الحركة الفكرية الشامية «اليسوعيون»، وقد ابتدءوا نشاطهم في سورية منذ عام 1625م، واضطروا أمام ضغط الحكومة العثمانية أن يوقفوا نشاطهم عام 1773م، ولم يتمكنوا من العودة إلا في سنة 1831م حين أذنت الدولة للمبشرين الأميركان البروتستانت (البروسبيتيريون) بالعمل في ديار الشام سنة 1820م. وتنافس اليسوعيون والبروسبيتيريون، وكان عام 1834م عام نشاط عظيم لكلا الفريقين، وكان من نتائج هذا التنافس أن عني الجانبان بأمر اللغة العربية ونشر مخطوطاتها، وتأليف الكتب العلمية والدينية بها. كما عنوا بتأسيس المطابع والمدارس الثانوية والعالية للبنين والبنات في شتى أنحاء لبنان خاصة، وسورية عامة.
وهكذا أخذ التعليم الحديث ينتشر في أنحاء سورية، كما أخذ الكتاب العربي يصدر عن المطبعة «الأميركية أو اليسوعية» ويحتل مكانه في خزائن دور الكتب أو دور السكن، واستطاع الجانبان المتنافسان أن يصدرا في فترة قصيرة عددا ضخما من الأشعار القيمة، وقد استخدم المبشرون البروسبيتيريون (الأميركان) عالمين لبنانيين جليلين لتأليف الكتب وتصحيح ما يطبع منها، وهما: «الشيخ ناصيف اليازجي» و«المعلم بطرس البستاني».
وعمد الأمريكان إلى إقامة «الكلية السورية البروتستانية» في بيروت عام 1866م التي ما لبثت أن غدت جامعة مستوفية الكليات والفروع، وعهد بإدارتها إلى القس الفاضل دانيال بلس، ثم خلفه ابنه هوارد بلس. كما عمد اليسوعيون في سنة 1875م إلى نقل مدرستهم في «غزير» إلى بيروت وجعلها جامعة على اسم القديس يوسف.
وفي سنة 1842م اقترح اليازجي والبستاني على الإرسالية الأميركية تأليف جمعية علمية عربية على نمط المجامع العلمية في أوروبة وأميركا للسعي في نشر العلم الصحيح، وتقريب الثقافة الأوروبية من الجمهور العربي، فقبلت الفكرة، وكان من أبرز أعضائها بالإضافة إلى صاحبي الاقتراح نفر من علماء النصارى في البلاد، والمستشرقين المقيمين فيها، مثل: إيلي سميث، وكورنيليوس فانديك، والكولونيل تشرشل، وجعلوا لهذه الجمعية خزانة كتب حوت الذخائر والمجلات، وأصدرت نشرة عن أعمالها كتبها العالم المعلم بطرس البستاني، وكانت هذه ثاني جمعية علمية في البلاد العربية بعد الجمعية التي كان المطران جرمانوس فرحات قد أسسها في حلب. وقلد اليسوعيون الأميركان، فقاموا بتأسيس «الجمعية الشرقية»، وعهدوا برئاستها إلى العالم الفرنسي الأب دو برونيير، وسلكت مسلك شقيقتها الأميركية، فعنيت بالبحوث العلمية وإحياء المخطوطات القديمة ونشرها، وكان جميع أعضائها أيضا من النصارى.
4
وتتابعت الجمعيات العلمية في سورية، وكان من أشهرها وأكثرها نشاطا «الجمعية العلمية السورية» التي أسست عام 1857م، وضمت نخبة مختارة من رجالات البلاد على اختلاف أديانهم، وفي طليعتهم: الشيخ حسين بيهم، والأمير محمد أرسلان، والشيخ إبراهيم اليازجي، والأساتذة: حنين الخوري، وسليم البستاني، وسليم رمضان، وموسى فريج، وحبيب جلخ، ورزق الله الخضرا، وجرجي تويني، وجرجس فياض، وحنا أبكاريوس، وحبيب بسترس، ومحمد بيهم، وعبد البديع اليافي، ونقولا مدور ... وغيرهم.
ثم تتابعت الجمعيات العلمية والنوادي الأدبية في لبنان وسورية، وفي طليعتها جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، وجمعية المعارف الدرزية، وجمعية يقظة الفتاة العربية، وجمعية إحياء التمثيل العربي، والنادي الأهلي.
ولم يقل نشاط العراق الثقافي في هذه الفترة - وبخاصة في البصرة وبغداد والنجف والكوفة والموصل - عن نشاط القطر الشامي، بفضل معاهده الدينية سواء الإسلامية منها والمسيحية، كما قامت فيه نخبة صالحة من أهله تعمل في حقلي الأدب واللغة، والتعليم.
وكانت جمعية التفيض الأهلية، من أنشط الجمعيات في بلاد الرافدين، وكان لحلقات آل الآلوسي في جامع مرجان، وآل الكيلاني في مسجد الشيخ عبد القادر، ومسجدي الإمام الأعظم أبي حنيفة والإمام الكاظم،
Bog aan la aqoon