سنتكلم على جمهورية أورنج كلاما موجزا؛ نظرا لما هو بينها وبين بلاد الترنسفال من العلاقات، فنقول:
تبلغ مساحة بلاد الأورنج 48326 ميلا مربعا، ويبلغ عدد سكانها 510207 أنفس، البيض منهم 77720 والباقي من السود. وأشهر مدن هذه الجمهورية مدينة بلوم فنتين، وهي عاصمتها، وفيها خمسون ألف نفس، وهذه المدينة هي أشبه شيء بواحة وسط صحراء كبيرة، وبها قلعة مبنية على تل مرتفع، ولا تخلو المدينة المذكورة من قصور شاهقة، ومنازلها مبنية بناء بسيطا، وفيها شوارع منتظمة تظللها أشجار البلخ الكبيرة من الجانبين وموقعها الطبيعي جيد جدا، مفيد للصحة؛ ولذلك يقصدها كثير من الإنكليز طلبا لاكتساب الصحة وتبديل الهواء، وهي تبعد 90 ميلا عن كمبرلي مدينة الماس في الناتال، 105 أميال عن كولسبرج في الترنسفال، و400 ميل عن دربان. وفي سنة 1853 هاجمها موشيش رئيس قبائل الزولس القاطنين على جبال داراكنسبرج، فأرسل السير هاري سميث حاكم مستعمرة الكاب حملة بقيادة الكابتن جورج كاسكارت للمدافعة عنها. فلما رأى موشيش أن إنكلترا هي المدافعة من الأورنج، خاف العاقبة ورجع عن قتالهم. وفي 24 فبراير سنة 1854 أعلنت إنكلترا استقلال الأورنج وتركها للبوير، فنظموا فيها جمهورية مثل جمهورية الترنسفال.
الرحيل إلى الترنسفال
ولما انخذل البوير أيضا في جهة أورنج ساروا بقيادة بريتوريوس إلى جهة الشمال، طالبين وطنا يعيشون فيه مستقلين، فذهبوا أولا إلى ميدلبرج، وكانت البوير قد أخذتها أولا من البازوتس في سنة 1839، فأقاموا مع إخوانهم هناك، وصارت أملاكهم تمتد شيئا فشيئا. وفي سنة 1848 شرع البوير المقيمون بها يؤسسون حكومة جمهورية مستقلة، فانتخبوا لها رئيسا، ثم ألفوا مجلس الفولسكراد ومجلس التنفيذ، وجعلوا عاصمة حكومتهم مدينة ميدلبرج، فتشبه بهم بريتوريوس وأسس له جمهورية ثانية، صار هو رئيسا عليها، وجعل عاصمتها مدينة بوتشستروم، وعقدوا الخناصر على امتلاك الأراضي الواسعة في هذه الجهات الشاسعة، حيث بها قبائل البازوتس. ولما درى هؤلاء بأن البوير طامعون في امتلاك أراضيهم اتحدوا على مقاومتهم، وصاروا يقاتلونهم جهد استطاعتهم، فكانت تذهب أتعابهم هباء منثورا. وفي أواخر سنة 1851 طلبت البوير من إنكلترا الاستقلال، فلبت طلبهم لما رأتهم أبدوا من الهمم مما يشهد لهم بالفخر والعظمة، وانتدبت الميجر هوج والميجر أون لتحديد التخوم الفاصلة ما بين مستعمرة الناتال وأملاك البوير الجديدة التي سميت بلاد الترنسفال،
1
ولما وصلوا إلى هناك تشكلت لجنة من البوير يرأسها بريتوريوس، واتحدت مع المندوبين الآنف ذكرهما، وتم الاتفاق بينهما على ما يرضي الطرفين، وعملت معاهدة بذلك في أول يناير سنة 1852، وهذه هي أهم بنودها:
أولا:
يعتبر نهر الفال حدا فاصلا ما بين مستعمرة الناتال وأملاك البوير.
ثانيا:
ليس للحكومة الإنكليزية حق التداخل في أحكامهم الإدارية أو السياسية.
Bog aan la aqoon