واعلم أن هذه المعابد منظمة على نسق واحد، وذلك أن الهيكل الحقيقي هو عبارة عن حجرة مظلمة تسكنها صورة الإله سواء كان بتمثاله أو برموز العبادة الخاصة به، وكانوا يقتصرون على هذه الحجرة في المدائن التي ليس لها أهمية كبيرة، ومتى ساعدت الظروف أضافوا إليها غرفا أخرى يعدونها لوضع القرابين وللاحتفال فيها بقداس الإله في أيام معينة، وما كان الدخول في هذا القسم من العمارة مباحا في كل وقت إلا للكهنة والملك، وكان من عاداتهم أن يقيموا أمامها حجرة كبيرة واسعة ذات عمدان يكاد يكون الولوج فيها مباحا للجمهور، وكانوا يجتمعون فيها في أيام المواسم والأعياد، وكان باب هذه الحجرة يوصل إلى فناء حوله أبواب محصنة بصرح
هو عبارة عن باب كبير هائل له فتحة على يمينها ويسارها برجان يكونان في الغالب مرتفعين ارتفاعا شاهقا، وهذا الشكل يتكرر في جميع أنحاء وادي النيل مع اختلاف قليل؛ فهو الذي تراه في العمائر الفخيمة بطيبة والكرنك والأقصر ومدينة هابو، وهذا الرسم هو المتبع أيضا في بلاد النوبة. غير أن بعض غرف الهيكل أو الهيكل كله (كما في أبي سمبل) تراه منقورا في الصخر بحيث يكون مغارة فسيحة هائلة.
ولما كانت الآلهة تحب أن تحيط بها الأسرار كان القوم يبنون المعابد؛ بحيث إن الإنسان لا يشعر بالانتقال من نور شمس العالم الخارجي إلى ظلام الحجر الإلهية؛ فإن مداخل الهيكل تكون فسيحة يتخللها الهواء، وينبعث فيها الضياء من غير أن يصادفهما أدنى عارض وأما الإيوان الكبير ذو العمدان، فيقل النور فيه ثم يشتد الظلام في المحراب فيكون شبيها بشفق غير واضح، حتى إذا وصل الإنسان إلى قدس الأقداس رأى الليل الحالك والظلام التام. (3) زخرفة المعابد
كانت الزخرفة في غاية البهاء ونهاية الرواء، فكانت جدران كل غرفة مزدانة من أعلاها إلى أسفلها برسوم ونقوش توافق ما خصصت له هذه الغرفة، فيمثلون في المحراب الزورق المقدس الذي يعيش فيه الإله، وفي الحجرات المجاورة له القرابين والضحايا، وفي الإيوانات المعمدة هيئة الموكب والاحتفالات، وعلى الصرح والحيطان الخارجية أشكالا للقتال والوقائع الحربية، يرى الناظر إليها ملك مصر قاهر أعداء مصر بمعونة الإله الذي شيد له الهيكل، وكانوا يضعون أمام الصرح تماثيل هائلة قد يبلغ ارتفاع الواحد منها 16 مترا؛ مثل صنمي ممنون في طيبة، ومسلات منضودة أزواجا أزواجا، وأمام ذلك كله مماش على جانبيها تماثيل الإسفنكس؛ وهي آساد لها رأس إنسان أو كبش، أو هي كباش كبيرة الجثة رابضة على الأرض يشار بها إلى أنها حرس رمزي يقوم بخفارة مقدم الهيكل على الدوام. (4) القبور
كانت القبور أيضا مشحونة بكثير من النقوش والتصاوير، وكان بعضها منعزلا وقائما بسفح الروابي أو بمنحدر النجوات والهضبات الفاصلة بين مصر والصحراء، وكانت أجداث ملوك الدولة الأولى والوسطى عبارة عن أهرام من الحجارة أو الآجر. وقبور أفراد الناس مساطب متطاولة من حجر الجير الأبيض تقابل كل زاوية منها جهة من الجهات الأربع الأصلية، ويجعلون وجهتها عادة نحو الشمال، ولها باب قد يكون أمامه عمدان صغيرة ويتوصل من هذا الباب إلى الحجرات الداخلية وإلى ضريح الميت؛ حيث يجتمع أقرباؤه مرارا في كل عام لتقديم القرابين له. ويرى المتأمل في الصور المنقوشة على جميع الجدران هيئة القربان وكافة الأعمال الدنيوية التي يكون بها تجهيزه، وتربية الغزلان والأثوار والأطيار وذبحها، وبذر البذور في الأرض، وحصد القمح، واصطناع الخبز، وتقديم الأرغفة، والصيد في البر والبحر، والألعاب المختلفة الأنواع، ويكون فوق الضريح رجام من الرخام أو ما يشابهه من الأحجار الصلدة منقوشا في أحد الجدران أو قائما بجانبه، وهو بمثابة باب مغلق على الدوام، وخلفه تنفتح أجزاء القبر المخصصة للروح، وهناك أيضا دهاليز وآبار وحجرة يكون بها التابوت وفيه المومياء.
ومن ابتداء العائلة الثانية عشرة اختلطت القبور المنقورة في الجبل بالقبور المنعزلة، وعدل ملوك طيبة في الدولة الأخيرة عن اتخاذ الأهرام، فأمر كثير منهم بدفن جثثهم في جبال لوبيا. وأما ملوك العائلة الثامنة عشرة فإن مدافنهم بالجهة المعروفة الآن بالأصاصيف، وأما ملوك العائلتين التاسعة عشرة والعشرين ففي باب الملوك قبورهم؛ وأجملها في البهجة والإبداع والرونق وحسن الاصطناع هما قبرا سيتي الأول، وابنه رمسيس الثاني. (5) النقش والتصوير
كان النقش والتصوير عبارة عن فنين مكملين لفن العمارة، فكل جدار كان مزدانا بنقوش بارزة، وكل نقش بارز كان محلى بالتصوير والتلوين بالأصباغ على هيئة سطوح مستوية متناسقة، بعضها فوق بعض بترتيب عجيب، بحيث لا تكون مختلطة ولا ممزوجة. وكانوا يحلون النقوش تحلية بالألوان، ولا يرسمونها بالمعنى المتعارف عندنا في هذا الزمان.
شكل 7-2:
الكاتب الجالس المحفوظ بمتحف اللوفر بباريس.
شكل 7-3:
Bog aan la aqoon