Taariikhda Waallida: Laga soo bilaabo Waayihii Hore ilaa Maanta
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Noocyada
رأينا كيف كانت معابد الاستشفاء المخصصة للإله أسكليبيوس وصالات الألعاب الرياضية مهدا للطب حتى قبل ظهور أبقراط. غير أن هناك جنية سهرت على رعاية هذا المهد، وهي جنية الفلسفة. وبينما ظل الالتجاء إلى السحر والدين مستمرا (حتى إنه بلغ أوجه مع ازدهار معبد إبيداوروس في القرن الرابع قبل الميلاد)، كانت الفلسفة في الوقت نفسه في طور النشأة. كان الفلاسفة يسافرون ويتعلمون من أسفارهم. وكانوا يفكرون مليا بكل ما للكلمة من معنى في العديد من التساؤلات، بدءا بعلم الكونيات (ما الكون؟) (من سنة 600 إلى سنة 450 قبل الميلاد)، وانتهاء بعلم الإنسان (الأنثروبولوجيا) (ما الإنسان؟) (من سنة 450 إلى سنة 400 قبل الميلاد). كما كانوا يدرسون الطبيعة، بما في ذلك تنظيم الأجسام وأصل الأمراض.
ومن بين هذه الدراسات، برز مفهوم مرض الروح بشقيه: الفلسفي، بما أن الأمر متعلق بالروح أو بالنفس، والطبي، بما أننا بصدد دراسة نوع من الأمراض. وبناء على ذلك، ساد لفترة طويلة تقليد طبي-فلسفي يجمع بين خبرتين؛ وهما: علم الأمراض النفسية من منظور طبي، وعلم الأمراض النفسية من منظور فلسفي. ويتناول هذا الأخير بدوره مبحثين: المبحث الأول متعلق بأمراض الروح والجسد «يعالج الطب الجسد من الأمراض، وتحرر الحكمة الروح من العواطف» (كما يقول ديموقريطوس). أما المبحث الثاني فيشمل صحة الجسد وصحة الروح. يقول أبيقور: «لا بد من العمل للحفاظ على الجسد من المعاناة والحفاظ على الروح من الاضطراب.»
ولكن، في البداية، ما الروح (في اللغة اللاتينية، كلمة
anima
تعني «النفخة»)؟
وللإجابة عن هذا السؤال، كان لا بد من التوغل في حقل واسع محفوف بالمخاطر ... يعرف أفلاطون (428-348ق.م) الروح على أنها «مبدأ الحياة والفكر أو الاثنين معا، باعتبارها حقيقة كائنة بشكل منفصل ومستقل عن الجسد ولكنها تتجلى من خلاله.» أما أرسطو (384-322ق.م)، فقد عرف الروح على أنها «جوهر كينونة الإنسان، أو صورة لجسد طبيعي به حياة بالقوة (وتمامية الفعل المتحقق للكائن على عكس الذات الناقصة).»
هل الروح والجسد يشكلان كلا لا يتجزأ (الواحدية)، أم يمكن فصل أحدهما عن الآخر (المثنوية)؟ جالينوس (الذي ولد عام 129م وتوفي تقريبا في عام 210م)، هو طبيب درس الفلسفة في بداية حياته وأعرب عن عدم فهمه لما قاله أفلاطون بأن «الموت يحدث حينما تفارق الروح الجسد.» وأكد من جانبه على مادية الروح لارتباطها بالطبائع الأربع (البارد، والرطب، والحار، واليابس)، حتى وإن أوضح في بعض الأحيان أن هذه المعرفة لا تهم كثيرا مجالي الطب وعلم وظائف الأعضاء. وقد أشار جالينوس في مؤلفاته إلى نظرية أفلاطون حول الأنفس الثلاث للإنسان (وهي نظرية شائعة لدى أبقراط) كما يلي: النفس الشهوانية أو النباتية (التي تمثل منبع الرغبة) ومكمنها في الكبد، والنفس النشطة أو الذكورية ومركزها في القلب، والنفس المفكرة أو الآمرة ومقرها في المخ. وهكذا نجد نفسين غير عقلانيتين ونفسا عاقلة (يختص بها الآلهة وحدها). ويصاحب النفس الأولى فضيلة الاعتدال، ويرافق النفس الثانية فضيلة الشجاعة، أما النفس الثالثة، وهي العاقلة، فتلازمها فضيلتا الحكمة والعلم. هذا بالإضافة إلى العدالة التي تحافظ، بالقدر الملائم، على التناغم بين الأنفس الثلاث.
ولأرسطو رأي مختلف تماما؛ فهو يرى أنه لا توجد إلا نفس واحدة متمركزة في القلب ولكنها تجمع كل ملكات الأنفس الثلاث التي عرفها أفلاطون. ويعتقد الفلاسفة الرواقيون، أن الإنسان يملك نفسا واحدة دون أن يميزوا بين الملكات. ويرون أن كل ما يتحرك يعد جسدا (بما في ذلك الروح). أما خريسيبوس (القرن الثالث قبل الميلاد)، فيرى أن الروح نفحة مستمرة، تولد مع مولدنا، وتتوغل في كل الجسد طالما ظل به تناغم الحياة.
ولكن ما هو مرض الروح، سواء وفقا لمذهب الواحدية أم وفقا للنزعة المثنوية (وبالأخص من وجهة نظر العقيدة المثنوية؛ نظرا لأنها تفرق بين مرض الجسد ومرض الروح)؟ من الجدير بالذكر أن جاكي بيجو كان أول، وربما كان لفترة طويلة هو الوحيد، من خصص رسالة ماجستير لبحث مرض الروح في العصور القديمة.
1
Bog aan la aqoon