Taariikhda Waallida: Laga soo bilaabo Waayihii Hore ilaa Maanta
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Noocyada
13
لقد سبق أن رأينا إسكيرول وبينيل يستخدمان الدش كوسيلة عقابية، ولكن لوريه هو الذي سينصب عليه غضب المجتمع الطبي. فسيؤخذ عليه قسوته إزاء المرضى عقليا، و«أسلوب الترهيب الذي يتبعه في التعامل معهم [...] والذي ينتزع به من المريض - إذا جاز التعبير - طاقة وقوة جبارة، وإنكارا قسريا لأفكاره» (لجنة الأكاديمية الملكية للطب، 1838). وسيستاء الناس على وجه الخصوص من قيامه بسرد تجاربه بصراحة ممزوجة بتهكم لاذع وبسخرية مؤلمة. «من لا يعلم ما هو الدش؟ كل من يستحم في البحر لا بد من أن يكون قد اغتسل بالرشاش ومرر الدش فوق رأسه. إنه لأمر بالغ التأثير، ومن الصعب تحمله. ولكن، إذا كنا لا نخشى التعرض له عند الاستحمام في البحر، حيث نذهب عادة للشفاء من مرض أقل خطورة، فلم لا نقبل التعرض له إذا كان الأمر يتعلق باستعادة العقل؟ لقد كان الدش بالكاد مؤلما قبل أن يدخل في نطاق العلاج المعنوي، ولم يتحول إلى وسيلة تعذيب وحشية إلا مؤخرا، وفي الكتابات التي نشرت ضدي. ولقد سبق أن استخدمه بنجاح كل من بينيل وإسكيرول - حتى لا نتحدث إلا عن الموتى - ونجده في جميع مؤسسات المرضى عقليا سواء العامة أو الخاصة التي أنشئت وفقا لأفكار هذين العالمين الاختصاصيين في الطب النفسي. وهكذا فإن ما استعنت به، سبق أن استعان به أسلافي.» علاوة على ذلك، أراد لوريه «تقييم الآثار المترتبة على استخدام الدش»، فجربه على نفسه وكذلك على مساعديه. «إن الدش يجمد الدماغ ويعيق التنفس. ومع ذلك، استطعنا جميعا تحمله لعدة ثوان.»
وأخيرا، أألقينا باللوم على لوريه لقيامه بالوشاية؟ ألم يحسب أن المريض عقليا بإمكانه الاجتماع برئيس الأطباء لمدة تتراوح، تبعا لحجم المؤسسة، ما بين 18 و37 دقيقة سنويا؟ فكيف يمكن إذن، في ظل هذه الظروف، ادعاء تطبيق علاج معنوي فردي؟ لقد اتهمناه على أي حال بأنه يريد «تجريد بينيل من واحد من أعظم إنجازاته العلمية» (د. بلانش، «خطورة القسوة البدنية في معالجة الجنون»، 1839). بيد أن لوريه يدافع عن نفسه قائلا: «لقد اعتقد الناس، أو تظاهروا بالاعتقاد بأن العلاج المعنوي يتمثل بالنسبة إلي في التعامل بقسوة وهمجية، وشن هجوم عنيف على مشاعر وأهواء المختلين عقليا، وإخضاع هؤلاء المرضى لنظم جسدية صارمة؛ أي باختصار اتباع أسلوب الترهيب والترويع.» كلا، يجيب لوريه. يشكل الألم، في حقيقة الأمر، جزءا من المعالجة، ولكن ليس دائما وليس مع جميع المرضى. «تكمن فائدة الألم بالنسبة إلى المرضى عقليا، كما في المسار الطبيعي للحياة، في التعليم.» «فبين الأطفال والمرضى عقليا، هناك العديد من أوجه التشابه.»
قبل ذلك بستة أعوام، كتب لوريه في مؤلفه «شظايا سيكولوجية حول الجنون » (1834) ما يلي: «لا تستخدموا أساليب المواساة والتعزية؛ لأنها غير مجدية. لا تلجئوا إلى الاستدلالات المنطقية؛ لأنها غير مقنعة. لا تظهروا حزنا عند التعامل مع المصابين بالسوداوية؛ لأن حزنكم سيؤجج حزنهم. ولا تشيعوا جوا من المرح والسعادة؛ لأن ذلك سيجرحهم. وتحلوا بقدر كبير من الثبات ورباطة الجأش، بل والصرامة، عند الضرورة. ولتكن حكمتكم نموذجا لهم في السلوك. ما زال هناك وتر واحد يهتز لديهم، وهو وتر الألم، فليكن لديكم ما يكفي من الشجاعة للمسه.»
أيتعلق الأمر بانحراف العلاج المعنوي أم ببلوغه أقصى حدود المنطق؟ كما يوضح جاك بوستيل،
14
إن زوال التكيف الاستفزازي الذي مارسه لوريه جعل منه رائدا معترفا به في مجال أساليب المعالجة السلوكية الأنجلوساكسونية (العلاج السلوكي). ولكن، ما جلب عليه في الواقع العداء الصريح الذي أعلنه أطباء الأمراض العقلية في عصره، بقيادة مورو دي تور، زميله في بيستر، «هو أن، العلاج المعنوي الذي نادى به لوريه، كان يندرج، على الرغم من تجاوزاته، في إطار علاقة سببية نفسية مرتبطة بالمرض العقلي، ويتعارض بالتالي مع خطاب طب النفس والأعصاب المتعلق بالنظرية العضوية، والذي كان بصدد غزو مجال الطب النفسي. ولم يكن بإمكانه أن يفعل ذلك، للأسف، إلا من خلال إعادة تجسيد علاقة العنف المتطرف، بصورة صريحة وواضحة بين الطبيب النفسي والمجنون، والتي سيحاول الخطاب الرسمي الجديد إخفاءها بعناية تحت ستار الحيادية «العلمية» الظاهرية للموقف التشريحي-الإكلينيكي. بطريقة ما، حجة «النزعة الإنسانية الخيرية» أخلت الساحة لحجة «النزعة العلمية الطبية»، وبقي لوريه وحيدا بين هاتين الحجتين.»
15
وهكذا لن يتبقى على الساحة إلا شارل لازيج (1816-1883) - فيلسوف ثم طبيب - لمعارضة النظرية العضوية النفسية والإبقاء على مسار العلاج المعنوي. ولقد أقر بالفعالية المحدودة للعلاج الجماعي (الذي أطلق عليه اسما جذابا وهو العلاج «الإداري»)، واعتزم أن يعيد إلى «العلاج الفردي» النشط قيمته ومكانته العلاجية. فيجب عدم «إزالة الداء مثلما يفعل مبضع الجراح» (وفي هذا إشارة إلى لوريه)، بل ينبغي العثور داخل المريض نفسه على «مبدأ الشفاء».
16
Bog aan la aqoon