Taariikhda Waallida: Laga soo bilaabo Waayihii Hore ilaa Maanta
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Noocyada
حيث اصطدمت قابلية الشفاء النظرية بقابلية الشفاء الفعلية. في عام 1816، وفي أحد التقارير الختامية، أشار بينيل، الذي كان قد ذكر قبل عدة أعوام مضت أن هناك حالة شفاء واحدة من بين كل حالتي دخول إلى مشفى سالبيتريير، إلى «خطورة حالات الخلل العقلي وتواترها الفريد وعدم قابليتها للشفاء على الإطلاق.» أما إسكيرول، فلم يتطرق إلى هذا الموضوع إلا فيما يخص شارنتون، التي أقر بأن نسب الشفاء فيها مقابل حالات الدخول بلغت 1 إلى 3 في الفترة من 1826 إلى 1833. وإذا استبعدنا من حسابنا مرضى الشلل العام والبلهاء والمصابين بالصرع - أي الميئوس من شفائهم - سنجد أن النسبة تبلغ 1 إلى 2,33، وفيما يتعلق بالإحصائيات الإطرائية المقدمة في صورة جداول لا تشوبها شائبة يعد إسكيرول، هنا أيضا، رائدا. فضلا عن ذلك، أنب إسكيرول زملاءه الذين «يحتقرون الإحصاء؛ لأن الناس يسيئون استعماله» (بالفعل؟) أما عن أولئك الذين يتذرعون بعدم دقته - يضيف إسكيرول على نحو غامض - فهم ينسون أن طبيب الأمراض العقلية، الذي يعتبر بحكم التعريف فوق الشبهات، يتعين أن يكون أيضا خبيرا إحصائيا.
التحول النهائي للعلاج المعنوي
في عام 1828، شرع بيتر سولومون تاونسند - طبيب من نيويورك - مثل العديد من زملائه في زيارة المشافي الباريسية، وخاصة مشافي المجانين. وفي هذا النصف الأول من القرن التاسع عشر، أصبحت باريس قبلة الطب. وقد كتب تاونسند، وكان يبلغ من العمر آنذاك 32 عاما، تحقيقا صحفيا مفصلا للغاية ونابضا بالحيوية عن هذا التحول.
12
حين وصل إلى مدينة لو هافر في الرابع والعشرين من ديسمبر 1827، ذهب على الفور لزيارة المشفى الرئيس بالمدينة. لم يكن القسم الخاص بالمختلين عقليا يؤوي إلا اثنين من المصابين بالهوس. كانت غرفتاهما مريحتين ولكن أحدهما كان مقيدا «قليلا». في الواقع، لم يكن المجانين يتركون هناك إلا بصفة مؤقتة ريثما ينقلون إلى مشفى الأمراض العقلية بروان، التي زارها مسافرنا، وهو في طريقه إلى باريس. ولقد التقى أولا بالطبيب فلوبير (والد جوستاف) - وهو طبيب مشهور كان يشغل منصب رئيس الجراحين بالمشفى الرئيس - قبل ذهابه إلى مشفى المجانين بسان يون، الذي كان يديره في ذلك الوقت الطبيب فوفيل، والذي كان يحتجز 250 مختلا عقليا (ولكنه يمكن أن يسع حتى 400). بدا كل شيء في نظر تاونسند مثاليا ربما باستثناء الغرف (الحجيرات) التي وجدها ضيقة للغاية. ولقد كانت الحمامات شائعة هناك أيضا؛ حيث كان المرضى عقليا يستلقون لمدة ساعتين في الماء الساخن، بينما يظل كيس من الثلج زنة أربعة أرطال موضوعا على رءوسهم باستمرار طوال فترة الحمام. ولقد صرح الدكتور تاونسند بأنه كان شاهدا بنفسه على «التأثير المهدئ» لهذا الأسلوب العلاجي. وكانت وسيلة الردع المستخدمة في هذه المصحة عبارة عن أنبوب رش قوي يجري تسليطه على أي مريض عقليا معاند. وأبدى تاونسند ملحوظة مخيبة للآمال مفادها أن هذه الوسيلة تعد طريقة غريبة للغاية لضبط الأهواء والمشاعر، حتى ولو كانت متبعة أيضا في إنجلترا وفي الآونة الأخيرة في الولايات المتحدة.
ولكن ها هو طبيبنا الأمريكي في باريس يزور المشافي الكبرى، والسوربون والمسارح. ويتابع زيارات كل من دوبويتران إلى مشفى باريس الرئيس وبروسيه إلى فال دو جراس. في الخامس من مارس، ها هو في مشفى سالبيتريير منذ السابعة صباحا. هدفه الأساسي مقابلة باريزيه، خليفة بينيل، الذي يتولى مسئولية 800 مريض عقليا من بين الستة الآلاف مريض المقيمين بالمشفى. بدت له القطاعات المختلفة بالمشفى مجهزة جيدا، بيد أن التدفئة لم تكن كافية. وهنا أيضا، بدا دش العقاب بالنسبة إليه موضع شك، ولكن لحسن الحظ كان يستعاض عن هذا الإجراء في بعض الأحيان بالاستخدام الحديث لسترة المجانين المصنوعة من القماش المتين، التي تقيد الذراعين من دون إعاقة حرية الحركة والتنقل. وفي الرابع والعشرين من شهر مارس، قام بزيارة جديدة إلى المشفى، وكان لا يزال برفقة باريزيه، الذي ربطته به علاقة صداقة؛ إذ كان هذا الأخير يصطحبه معه في حفلات العشاء الباريسية التي يحضرها. ونتيجة لذلك، أخذ تاونسند يجزل الثناء على الخدمة المقدمة للمرضى عقليا ويشيد بالطريقة التي استطاع بها باريزيه أن يحمل الشعلة التي أضاءها بينيل. فما من قيود، وهناك تغذية جيدة، وملبس جيد، وتدفئة جيدة (؟) أما عن وسائل الإخضاع، فلم يتبق منها إلا «تلك السترة الرائعة المسماة قميص التقييد» (ولقد ذكر هذه الكلمة الأخيرة
camisole
باللغة الفرنسية في النص). ولم يشر على الإطلاق إلى أي علاج معنوي.
وهكذا لم يبق على خلفاء إسكيرول المباشرين إلا توجيه الضربة القاضية لهذا العلاج المعنوي المتلون الشبيه بالحرباء، والذي كان في النزع الأخير. أوضح جورجيه أن العلاج المعنوي ينحصر في اتجاهين هما: الاتجاه السلبي الجماعي عبر العزل في المصحة، والاتجاه النشط الفردي (المتمثل في «التعليم الطبي» المباشر للمريض)، وهو الاتجاه الذي يفضله. بيد أن جورجيه يشدد، بعد إسكيرول، على ضرورة وجود سلطة طبية مطلقة، لكونها تشكل مبدأ أساسيا في العلاج المعنوي. «يجب أن يكون التحكم بالمجانين مطلقا. ويجب أن يرجع القرار النهائي في جميع المسائل إلى الطبيب [...] فإذا كانت هناك أكثر من جهة تتنافس على السلطة وتتنازع على النفوذ، فلن يحدث توافق إلا نادرا؛ مما سيجعل المناخ مهيأ لاندلاع عصيان من جانب طرف أو آخر.»
ولكن فرانسوا لوريه (1797-1851) - وهو أيضا تلميذ لإسكيرول، وكان يشغل منصب كبير الأطباء بمشفى بيستر منذ عام 1836 - هو الذي دفع العلاج المعنوي إلى أقصى حدود المنطق. يفسر لوريه ذلك في كتابه «العلاج المعنوي للجنون» (1840) قائلا: «أقصد بالعلاج المعنوي للجنون، الاستخدام المعتدل لجميع الوسائل التي تؤثر مباشرة على عقل وعواطف المرضى عقليا [...] لقد دأبت على جعل الفكر غير العقلانية شاقة ومضنية، لكي يبذل المريض جهدا فيطردها، وحرصت دائما على طرح فكر أخرى، متوافقة مع المنطق والتفكير السليم، وعملت على إضفاء طابع من الجاذبية والمتعة عليها.» يجب أن يكون العلاج المعنوي «بالغ التأثير؛ لأن المرضى عقليا معرضون للوقوع في الخطأ.» ولكن، ما المقصود ب «بالغ التأثير»؟ في عام 1837، لم يكن عمر الدكتور بليني إيرل - وهو طبيب أمراض عقلية من نيويورك - يتجاوز الثامنة والعشرين حين شرع في القيام بجولة تثقيفية في أوروبا لزيارة مشافي المجانين الرئيسة. في ربيع 1838، ذهب إلى باريس وزار مشفى بيستر تحت قيادة الطبيب لوريه. «لقد أراني القاعة المخصصة للحمامات، وشرح لي كيف تستخدم لفرض نظام عقلي وأخلاقي وجدته مضرا [مؤذيا].» حيث كان يوضع المرضى عقليا في مغاطس يغطيها لوح لا يظهر منه إلا الرأس. وعند صدور الأمر من الطبيب، يندفع تيار قوي من الماء المثلج ليتدفق على رأس المريض. يدعي أحد هؤلاء المرضى أنه زوج دوقة بيري. في اليوم السابق، أذنا له بالكتابة، بشرط ألا يأتي على ذكر «سخافاته المعتادة»، وهو ما فعله على أي حال. أمسك دكتور لوريه بالخطاب موضوع الخلاف في يده وسأل المريض عقليا عما إذا كان لا يزال يصدق هذه الترهات. «نعم، سيدي» (ورد هذا الرد باللغة الفرنسية في النص). «أعطوه إذن حماما»، هكذا أمر الطبيب. «أخذ المريض يصرخ ويتلوى متوسلا لكي نتوقف، وبالفعل توقفنا، وسألناه عما إذا كان لا يزال يصدق أنه الصديق الحميم لشارل العاشر، «نعم، أنا هو بالفعل»، إذن «أعطوه حماما».» وأخذ المشهد يتكرر بحذافيره لمدة نصف ساعة، حتى اقتنع المريض عقليا بأن الإجابة الصحيحة هي «كلا»، بالتأكيد، فهو ليس زوج دوقة بيري كما أنه لا يعرف شارل العاشر. واتبع النهج نفسه مع مريض عقليا آخر لم يكن يريد أن يعمل. وهذه المرة، دش واحد كان كافيا، بعده صاح المريض قائلا: «أريد أن أعمل! أريد أن أعمل!» صدم الطبيب الأمريكي من هذه الطريقة المتبعة، التي وجد أنها ليست أفضل من استخدام القيود، التي حرر منها بينيل المرضى عقليا.
Bog aan la aqoon