Taariikhda Dhaqaalaha Adduunka: Hordhac Kooban
التاريخ الاقتصادي العالمي: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
كانت أسواق السيارات في أمريكا اللاتينية أصغر حجما. في خمسينيات القرن العشرين، كانت حوالي 50 ألف سيارة جديدة تباع سنويا في الأرجنتين. اشترط مرسوم السيارات لسنة 1959 أن يكون 90٪ على الأقل من مكونات السيارات المبيعة في البلاد مصنعا فيها. زاد إنتاج السيارات بنسبة 24٪ سنويا حتى عام 1965، عندما أنتجت 195 ألف سيارة، وكانت صناعة السيارات تمثل 10٪ من حجم الاقتصاد. بدا نموذج إحلال الواردات بالتصنيع ناجحا للغاية من حيث نمو الإنتاج، ولكن كان حجم الصناعة أصغر بكثير من أن يحقق مستوى الإنتاج الذي تحققه الاقتصادات الكبيرة الحجم. وفاقم من مشكلة صغر حجم السوق المحلية تقسيمها بين 13 شركة كانت أكبرها تنتج 57 ألف سيارة فقط، فترتب على ذلك أن بلغت تكلفة إنتاج سيارة في الأرجنتين 2,5 مرة أكثر من تكلفة إنتاجها في الولايات المتحدة. لم تستطع الأرجنتين المنافسة دوليا في ظل هذه البنية الصناعية، بل وأدى قطاع تصنيع السيارات إلى دفع كفاءة الاقتصاد بأسره إلى أسفل، ونظرا لأن المشكلة نفسها تكررت مع صناعات الصلب والبتروكيماويات والصناعات الأخرى، لعب نموذج إحلال الواردات بالتصنيع دورا كبيرا في خفض إجمالي الناتج المحلي لكل عامل، ومن ثم خفض المستوى المعيشي.
تعتبر المقارنة مع القرن التاسع عشر صارخة، فلم يكن الحجم مسألة ذات أهمية في القرن التاسع عشر. في حوالي عام 1850، كان مصنع القطن العادي يشتمل على 2000 ماكينة عمود دوار، وكان الإنتاج يصل إلى 50 طن من الغزل سنويا، وكانت الولايات المتحدة تستهلك حوالي 100 ألف طن من الغزل سنويا؛ لذا كانت تستطيع استيعاب 2000 مصنع قطن تنتج في حدود الحجم الأدنى من الإنتاج الفعال. والأمر نفسه ينطبق على الصناعات الحديثة الأخرى؛ فكان فرن صهر الحديد ينتج 5 آلاف طن سنويا، وكان إجمالي الاستهلاك في الولايات المتحدة يصل إلى 800 ألف طن أو ما يكافئ 160 ضعفا للحجم الأدنى للإنتاج الفعال ، وكان مصنع إنتاج قضبان خطوط السكك الحديدية ينتج 15 ألف طن من القضبان سنويا، بينما كانت الولايات المتحدة تنتج 400 ألف طن (أي 27 ضعفا للحجم الأدنى للإنتاج الفعال فقط!) رفعت التعريفات الجمركية المرتفعة التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية من الأسعار التي كان المستهلكون يدفعونها في القرن التاسع عشر، لكن هذه الدول لم تحمل اقتصادها عبء بنية صناعية غير فعالة، وهو ما يعد سببا أساسيا في تفسير نجاح نموذج التنمية الاقتصادية القياسي في أمريكا الشمالية وفشله في أمريكا الجنوبية.
نهاية النموذج القياسي
أفضى نموذج التنمية الاقتصادية القياسي في روسيا القيصرية واليابان وأمريكا اللاتينية إلى نمو اقتصادي محدود لم يكن كافيا لسد الفجوة مع الغرب، وفي ظل نمو إجمالي الناتج المحلي للفرد بمعدل 2٪ سنويا في الدول المتقدمة، كان على الدول الفقيرة تحقيق - على الأقل - هذه النسبة من النمو ليظل نموها منتظما، وتحقيق نسبة أعلى بكثير للحاق بالغرب خلال إطار زمني محدود. لم تستطع روسيا القيصرية واليابان وأمريكا اللاتينية تحقيق ذلك من خلال نموذج التنمية القياسي، فكانت النتيجة الطبيعية نموا بطيئا للطلب على العمالة يتخلف كثيرا عن النمو في عدد السكان، ومن ثم عانت روسيا القيصرية وأمريكا اللاتينية من مستويات مرتفعة من اللامساواة وعدم الاستقرار السياسي. وبالمثل، فشلت مجموعات كثيرة في يابان ما قبل الحرب العالمية الثانية - العمال في مجال الزراعة والصناعات الصغيرة والنساء - في جني ثمار هذا النمو، وقد تفاقمت هذه المشكلات بمرور الوقت مع زيادة حجم الإنتاج الفعال، وارتفاع نسبة تكلفة رأس المال إلى تكلفة العمالة في الدول الغنية. وحتى بافتراض غياب الأزمة المالية التي وقعت في أوائل ثمانينيات القرن العشرين، بدا أن نموذج التنمية القياسي قد بلغ نهاية عمره الافتراضي المثمر . فماذا يمكن أن يحل محله؟
هوامش
الفصل التاسع
التصنيع في نموذج«الدفعة
القوية»
حقق الغرب مزيدا من التقدم على باقي دول العالم في القرن العشرين، ولكن بعض الدول سلكت اتجاها مغايرا ونجحت في اللحاق بالغرب، أبرزها اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية، فضلا عن الاتحاد السوفييتي (وإن كان بصورة أقل اكتمالا)، ويبدو أن الصين تسير على المسار الصحيح لتكرر الأمر نفسه. كان النمو في هذه الدول سريعا للغاية، وردمت الفجوة مع الغرب في نصف قرن، وقد بدأت هذه الدول فورة النمو بمستوى دخل لكل فرد يساوي 20-25٪ فقط من مستوى الدخل لكل فرد في الدول المتقدمة، ومع نمو مستوى الدخل لكل فرد في الدول المتقدمة بمعدل 2٪ سنويا، كانت الدولة الفقيرة تستطيع اللحاق بها في غضون جيلين (60 عاما) فقط في حال نمو الناتج المحلي الإجمالي لكل فرد بها بنسبة 4,3٪ سنويا، وهذا يتطلب نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6٪ أو أكثر سنويا حسب نمو عدد السكان، وهذه عقبة كئود. ومن ثم، فقد كانت الطريقة الوحيدة التي استطاعت من خلالها الدول الكبرى تحقيق النمو بسرعة هي بناء جميع عناصر الاقتصاد المتقدم - مصانع الصلب، ومحطات توليد الطاقة، ومصانع إنتاج المركبات، والمدن وغيرها - في آن واحد، وهذا هو ما يعرف بتصنيع «الدفعة القوية». ويثير هذا النمط من التصنيع مشكلات عويصة؛ حيث يجري بناء كل شيء قبل توفر العرض والطلب؛ فتبنى مصانع الصلب قبل بناء مصانع السيارات التي ستستخدم ألواح الصلب المدرفلة التي ستنتجها مصانع الصلب، وتبنى مصانع السيارات قبل توافر الصلب الذي ستقوم بتصنيعه، وبالطبع قبل وجود طلب حقيقي على منتجاتها. يعتمد كل استثمار على إيمان بأن عناصر الاستثمار المكملة ستتحقق، ويتطلب نجاح التصميم الكبير وجود سلطة تخطيط لتنسيق الأنشطة المختلفة وضمان تنفيذها. وقد نجحت الاقتصادات الكبرى التي انطلقت هاربة من شرنقة الفقر في القرن العشرين في القيام بذلك، على الرغم من التفاوت الكبير بينها في أسلوب التخطيط.
التنمية الاقتصادية السوفييتية
Bog aan la aqoon