Taariikhda Dhaqaalaha Adduunka: Hordhac Kooban
التاريخ الاقتصادي العالمي: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
بينما لم يكن لدى بريطانيا أي سياسة «للتحول إلى التصنيع»، توفرت لدى معظم الدول الأوروبية استراتيجية ما لتباري نجاح بريطانيا. في القرن التاسع عشر، ظهرت حزمة من سياسات التنمية التي تبنتها دول عديدة، وضعت هذه السياسات في الأساس في الولايات المتحدة (انظر الفصل
السادس )، ثم روج لها في أوروبا عن طريق فريدريك ليست، وهو ألماني عاش في الولايات المتحدة الأمريكية من عام 1825 إلى 1832، ثم عاد إلى ألمانيا ليكتب «النظام القومي للاقتصاد السياسي» (1841). تضمنت استراتيجية التنمية القياسية - التي طورت من ثورة نابليون المؤسساتية - أربعة مبادئ: إنشاء سوق وطنية كبيرة من خلال إلغاء التعريفات الداخلية وتطوير وسائل النقل، وفرض تعريفات جمركية خارجية لحماية «الصناعات الوليدة» من المنافسة البريطانية، وتأسيس بنوك لتحقيق استقرار في أسعار العملة وتوفير رأس المال للشركات، وأخيرا، نشر التعليم العام للإسراع من عملية استخدام التكنولوجيا وابتكارها. وقد ساعدت استراتيجية التنمية هذه دول القارة الأوروبية على اللحاق بركب بريطانيا.
تعتبر ألمانيا مثالا جيدا. في العصور الوسطى، كانت ألمانيا مقسمة إلى مئات الوحدات السياسية المستقلة، ثم انخفض الرقم إلى 38 وحدة سياسية مستقلة خلال مؤتمر فيينا في عام 1815. بدأت بروسيا - أكبر الولايات الألمانية آنذاك - في نشر التعليم العام الأساسي في القرن الثامن عشر، ثم حذت الولايات الأخرى حذوها، وبحلول منتصف القرن التاسع عشر، صار التعليم الأساسي شبه عام في سائر ألمانيا.
أخذت بروسيا كذلك زمام المبادرة في إنشاء سوق وطنية من خلال إنشاء اتحاد جمركي (الزولفرين) في عام 1818 بغرض توحيد أراضيها، ثم انضمت الولايات الألمانية الأخرى إليها تدريجيا. وقد ألغى الاتحاد الجمركي التعريفات الداخلية، وفرض تعريفة خارجية مشتركة لمنع المصنعين البريطانيين من دخول السوق المحلية. شكل الاتحاد الاقتصادي الأساس الذي قامت عليه الإمبراطورية الألمانية في عام 1871.
وقد دعم بناء خطوط السكك الحديدية تكامل الأسواق. بني خط السكة الحديدية الألماني الأول (طوله ستة كيلومترات) ليصل بين نورمبرج وفورت في عام 1835، بعد خمس سنوات فقط من إقامة خط السكة الحديدية الذي كان يصل بين ليفربول ومانشستر. أقيمت الخطوط الرئيسية خلال عقد الخمسينيات من القرن التاسع عشر، فيما مدت الخطوط الفرعية في العقود اللاحقة. وبحلول عام 1913، كان قد جرى افتتاح حوالي 63 ألف كيلومتر من خطوط السكك الحديدية.
اضطلعت البنوك الاستثمارية - التي لم يكن لها دور في عملية التصنيع في بريطانيا - بدور بارز في القارة الأوروبية. تمثلت باكورة هذه التجارب في «الجمعية العامة لدعم التصنيع الوطني في هولندا»، التي أسست في عام 1822 لدعم التنمية الصناعية في الدول المنخفضة. بدأت البنوك الخاصة الألمانية في القيام بالشيء نفسه، وكان بنك «كريدي موبيليه» - الذي أسس في فرنسا في عام 1852 لتمويل بناء خطوط السكك الحديدية والصناعة - خطوة عملاقة إلى الأمام.
في العام التالي، انبثق عن ذلك بنك دارمشتاد الذي تولى الترويج لبنك الاستثمار المشترك في ألمانيا. بحلول عام 1872، كانت جميع البنوك الألمانية الكبرى (كوميرز بانك، ودريسدنر، ودويتشه، وغيرها) قد تأسست. امتلكت هذه البنوك فروعا عديدة لجمع رءوس الأموال من العديد من المودعين، وأقامت علاقات دائمة مع العملاء من المجال الصناعي، فوفرت لهم تمويلا طويل المدى في شكل سحب على المكشوف من الحسابات الجارية بمعدلات فائدة منخفضة. كانت تلك القروض تؤمن من خلال رهونات عقارية على الملكية الصناعية، وكان ممثلو البنوك يعملون على إدارة الشركات الصناعية التي كانت تتلقى هذه القروض. مولت هذه البنوك النمو الهائل في الصناعة الألمانية في الفترة ما بين عام 1880 والحرب العالمية الأولى.
بين عامي 1815 و1870، تأسست معظم صناعات الثورة الصناعية في القارة الأوروبية على أساس ربحي. لم تكن ماكينات الغزل ومصانع أركرايت الأولى مربحة في فرنسا قبل الثورة، لكن التقدم الفني اللاحق خفض من تكاليف إنتاج الغزل السميك بنسبة 42٪ بحلول منتصف عقد الثلاثينيات من القرن التاسع عشر. أدى انخفاض التكاليف في الإنتاج إلى جعل إقامة هذه المصانع ذات الطراز الحديث مربحة. بحلول عام 1840، كانت فرنسا تنتج 54 ألف طن من القطن سنويا، مقارنة ببريطانيا التي كانت تنتج 192 ألف طن، وكان إنتاج القطن قد بدأ في ألمانيا (11 ألف طن)، وبلجيكا (7 آلاف طن). من الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت في تلك الفترة تعالج 47 ألف طن من القطن الخام.
بحلول عام 1870، كانت صناعة حديد حديثة قد أقيمت في القارة الأوروبية. كان الفحم النباتي يستخدم كوقود لصهر وتنقية الحديد قبل القرن الثامن عشر، ثم حل فحم الكوك - وهو صورة أخرى من صور الفحم - محل الفحم النباتي، في واحد من أشهر ابتكارات الثورة الصناعية، وقد وضع هذا الأسلوب محل التطبيق على يد أبراهام داربي في شركة كوولبروكديل للحديد في عام 1709. وعلى أية حال، لم يكن حديد الكوك موفرا من الناحية الاقتصادية في تصنيع منتجات الحديد المدرفل (الأسياخ، والألواح، والقضبان) حتى بعد عام 1750؛ لذا كان استخدامه في البداية مقصورا على عملية السبك المتخصصة التي سجل داربي براءة اختراعها. بين عامي 1750 و1790، حل حديد الكود محل حديد الفحم النباتي في صناعة المنتجات المدرفلة، ولكن كان حديد الكوك لا يزال باهظ الثمن ما لم يسمح بالتخلص من استخدام الفحم النباتي في عمليات الصهر في القارة الأوروبية. تتمتع دول مثل فرنسا بمساحات شاسعة من الغابات التي مدتها بالفحم النباتي بأسعار زهيدة، فيما عانت من ندرة وارتفاع سعر فحم الكوك. استغرق الأمر خمسين عاما من إدخال التحسينات في تصميم الأفران لزيادة إنتاجية أفران فحم الكوك بدرجة كافية للتغلب على الفحم النباتي في القارة الأوروبية، حدث هذا التحول بسرعة بالغة خلال عقد الستينيات من القرن التاسع عشر، في الوقت الذي كانت فيه الشركات الفرنسية والألمانية تبني أفران صهر متقدمة للغاية في تصميماتها. بعبارة أخرى، حققت فرنسا وألمانيا قفزة إلى أعلى درجات التقدم في تكنولوجيا صناعة الحديد؛ حيث إنها كانت التكنولوجيا الوحيدة التنافسية في أوروبا.
وبالمثل، لم تتخلف القارة الأوروبية عن بريطانيا في صناعات منتصف القرن التاسع عشر الجديدة. أنشأت دول أوروبا الغربية خطوط السكك الحديدية، وكانت القاطرات الأوروبية متقدمة بقدر مثيلاتها في بريطانيا، وانطبق الأمر نفسه على الصلب. قبل عام 1850، كان سعر الصلب مرتفعا، وكان أحد المنتجات الثانوية لصناعة الحديد، وهي الصناعة التي كانت تنتج بصورة رئيسية الألواح المعدنية وقضبان السكك الحديدية من الحديد المطاوع المستخلص من الحديد الغفل في أفران التسليط. تمثلت المعضلة الفنية في إنتاج الصلب في صهر حديد الغفل النقي، بحيث يمكن التحكم بدقة في إضافة أي عناصر أخرى بما في ذلك الكربون، كان من الضروري أن تزيد درجة حرارة الأفران عن 1500 درجة مئوية؛ تمثل الحل الأول للمشكلة في فرن التحويل الذي اخترع بصورة مستقلة حوالي عام 1850 على يد هنري بسمر وويليام كيلي. قدم السير كارل فيلهلم سيمنز حلا آخر من خلال بناء فرن استرجاعي في خمسينيات القرن التاسع عشر، كانت الحرارة تبلغ فيه مستويات مرتفعة، وفي عام 1865، استخدم بيير إميل مارتن فرن سيمنز في صهر حديد الغفل لإنتاج الصلب. أثبت فرن المجمرة المكشوفة تفوقه على فرن بسمر التحويلي في إنتاج الألواح والرقائق والأشكال الهيكلية، وصار التكنولوجيا السائدة حتى حل محله إنتاج الصلب من خلال عملية الأكسجين الأساسية في ستينيات القرن العشرين. من الجدير بالذكر أن المخترعين الأربعة لعمليات إنتاج الصلب على نطاق واسع كانوا: رجلا إنجليزيا، وآخر أمريكيا، وثالثا ألمانيا يعيش في إنجلترا، والرابع فرنسي. ومن ثم، لم يكن هناك أي تخلف دولي عن الركب البريطاني.
Bog aan la aqoon