185

Taariikhda Dowladda Al Saljuq

تاريخ دولة آل سلجوق

Noocyada

ثم أخذ في قهر جنس آخر من كفار الترك وهم التتارية، وممالكهم تنتهي إلى آخر بلاد الصين. فلم يزل عليهم ظافر الجند، منصور الجد، متوغلا مسيرة خمسة أشهر من خوارزم إلى بلادهم. باسطا يد السبي والنهب في ذراريهم ونسائهم وطرافهم وتلادهم. إلى أن اجتمعوا واحتشدوا، وخرجوا فأحجم عنهم السلطان، فأخذوا بجميع بلاد ما وراء النهر. ثم دخلوا إلى بلاد خراسان فخربوا أرباعها، وأحذوا قلاعها وسبوا نساءها، وقتلوا رجالها، وانتهبوا ذخائرها وأموالها. وانحاز السلطان عنهم إلى بلاد الجبل فتتبعوا أثره إلى حدود أصفهان وأخذوا الري وقزوين وهمذان. وقتلوا جميع من كان في هذه البلاد، وما تاخمها من الأغوار والأنجاد. وكان ابتداء دخولهم إلى بلاد خراسان في أوائل سنة 617 ه. وجرى منهم على المسلمين من القتل والأسر والقهر، ما لم يعهد مثله ولم يرد ذكره أبد الدهر. وطالت مدتهم في بلاد الإسلام وأقاموا فيها على وتيرة واحدة لا يفيقون من سفك الدماء، وشن الغارات ثلاث سنين إلى أن خرجوا من طريق أذربيجان مخربين للبلاد، سافكين دماء العباد. وتوغلوا منها إلى بلاد اللان، ومنها إلى أرض قفجاق، ثم عادوا من تلك الطريق إلى بلادهم. والله تعالى يكفي المسلمين شر معادهم، ولا يمكن استيفاء شرح معرتهم، وذكر ما جرى على الإسلام من مضرتهم، إلا في مجلدات طوال. لكنا ألممنا بذكرها ههنا على إجمال، والحمد لله على كل حال.

ذكر انتعاش سنجر بعد أن عثر وانتقاشه 1 وانجباره بعد أن شيك 2وانكسر

قال: وكان عند اتجاه سنجر لجهاد الكافر وقتاله، انتهز خوارزمشاه أتسز بن محمد نوشتكين فرصة اشتغاله. فمر إلى مرو ودخلها عنوة، وقتل وجوه أهلها، وحرق بالجور مجاوري حزنها وسهلها. وجلس على سرير سنجر ومد الطغراء، ووقع ونهى وأمر، ونقل من الخزانة السنجرية صناديق جواهره، ولما عاد السلطان عن وجهته، عرف خوارزمشاه أن القدر غير مظاهره، فرجع إلى خوارزم، واستوبل 3ذلك العزم. ووصل سنجر إلى هزارسف فحصرها، ورمى بالحجر حجرها. وكان له خندق عريض عميق فجعله همه، وكان الماء قد طما به فطمه. وقسم السور على أمرائه فحسروا لثامه، وحققوا انثلامه. وفتحت القلعة عنوة، وأضحت لما يرام فتحه من القلاع أسوة. وذلك بعد أن قتل عليها وفيها ألوف، وجدعت أنوف، وتصرفت نوب ونابت صروف. ثم وقع الصلح، وأسفر بعد تلك الظلمة الصبح. ورد خوارزمشاه على سنجر صناديق جواهره التي أخذها من الخزانة بمرو بختمها، وحقق سلامة نفسه بحق سلمها، وركب ووقف بإزاء سنجر من شرقي جيحون، وقد سير في البر والبحر عسكره المجرور وفلكه المشحون. ونزل بحيث يرى، وقبل الأرض، وتقبل الفرض.

Bogga 367