فلما اقترب جيش الأتراك فر راشد خان، فدخل الأتراك البصرة بدون حرب في سنة 953ه، فنظم إياس باشا شئون البصرة، وضم إليها واسطا وجزائر شط العرب.
وظلت البصرة في قبضة الأتراك التابعين لولاة بغداد إلى سنة 1005ه فاستقل بها أمراؤها، واستبدوا فيها، وحكموا أهلها بما تشتهيه نفوسهم. دخلت سنة 970ه فوجهت إمارة البصرة إلى درويش علي باشا التركي، وكان هذا سيئ التدبير غير كفؤ للحكم؛ فزل نفوذه، وقلت الأموال عنده؛ حتى عجز عن أرزاق الجند المحافظين للمدينة. (4-1) استقلال الأمراء بالبصرة
كان رجل في البصرة يدعى أفراسياب الديري،
4
وكان كاتبا لأميرها علي باشا، فلما ضعف أمر الأمير، وقلت عنده الأموال، وعجز عن تدبير شئون الإمارة وإعاشة الجند حتى استخف به الأهلون؛ تساوم مع كاتبه أفراسياب على إمارة البصرة، فباعها له بثمانية أكياس من الذهب - والكيس ثلاثة آلاف محمدية - على شرط أن يكون أفراسياب خاضعا لسلاطين آل عثمان، وأن يخطب لهم على المنابر، ويضرب السكة بأسمائهم، وعلى هذه الشروط استلم أفراسياب إمارة البصرة، واستلم علي باشا المال، وسار إلى الأستانة، وذلك في سنة 1005ه في عهد السلطان مراد الثالث، وهذا الحال - أعني بيع إمارة كإمارة البصرة التي هي باب العراق سواء علم بذلك السلطان أو بالعكس - مما يدل على شيوع الفوضى في المملكة العثمانية يومذاك.
ولم تمض على أمر أفراسياب أشهر حتى قوي أمره، وخافه الأمراء، وكان أهلا للإمارة؛ فأحبه الناس لسيرته الحسنة، ثم استولى على أكثر الجزائر، ومنع ما كان يأخذه من البصرة حاكم الحويزة السيد مبارك خان من الجوائز السنوية التي كانت أشبه بالجزية - أو الخاوة - وكذلك منعه من أخذ شيء من جهة شط العرب الشرقية،
5
وظل السعد يخدم أفراسياب حتى بقي مستقلا بالبصرة وما يتبعها سبع سنوات، فتوفي بالبصرة في سنة 1012ه، وتولى الإمارة ابنه علي باشا بوصية منه، وكان حازما كأبيه، فافتتح بقية الجزائر
6
وكوت معمر وكوت الزكية، وفتح صدره للعلماء والشعراء وأمن السبل، وفي أيامه ولد بالبصرة في سنة 1025ه شهاب الدين بن معتوق الموسوي البصري الشاعر المتوفى سنة 1111ه.
Bog aan la aqoon