Taariikhda Suugaanta Carabta
تاريخ الآداب العربية في القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين
Daabacaha
دار المشرق
Lambarka Daabacaadda
الثالثة
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
القدر كريم الطباع تولى الإفتاء في دمشق دهرًا طويلًا وقد أظهر نحو المسيحيين في نكبة دمشق سنة ١٨٦٠ مروءة أجازته عنها الدولة الفرنسوية بهبة سنية. وقد اجتمعنا مع السيد محمود في دمشق غير مرة فلقينا منه شيخًا واسع المدارك غزير الآداب. وله في تقريظ كتابنا مجاني الأدب رسالة تنبئ بحسن ذوقه وتقديره للمشروعات الأدبية. وفيه يقول محمد القصاب بمدحه:
مفتي الأنام سليل المجد ملجأنا ... تاج الفخام فخار الفخر ذو الهمم
ماضي العزائم لا ند يضارعه ... بالأمر والنهي والإحسان والكرم
بحر المعارف بالأمواج زاخره ... يلقي لنا جوهر الإرشاد والحكم
في كل فن له باع يصيد به ... ما شت إدراكه عن حاذق فهم
الأمير عبد القادر الجزائري
ونظم إلى أدباء إسلام الشام في آخر القرن التاسع عشر حسينيًا آخر عاش زمنًا طويلًا في دمشق وإن لم يكن أصله منها نريد السيد الأجل والأمير العظيم عبد القادر الجزائري فإنه وإن كان من رجال السيف إلا أنه كان أيضًا من فرسان القلم. كان مولد هذا الأمير في القيطنة من قرى أيالة وهران في بلاد الجزائر سنة ١٢٢٢ (١٨٠٧م) درس العلوم اللسانية في حداثته على أساتذة وهران. ثم رافق والده في رحلته إلى الحجاز والشام والعراق وعاد إلى وطنه فعكف على العلوم الخاصة كالفلسفة والفلك والتاريخ حتى حمل الفرنسيس على الجزائر سنة ١٨٣٠ تلافيًا لإهانة لحقت هناك بسفير ملكهم كرلوس العاشر واحتلوا جهاتها. فانتشبت الحرب بين أهلها والفرنسيس وبايع الجزائريون للأمير عبد القادر فقاموا معه قيام الأبطال للدفاع عن أوطانهم. وكانت تلك الحرب سجالًا تارة لهم وتارة عليهم ودامت خمس عشرة سنة ألجأ الأمير بعدها إلى التسليم فسلم ولقي من الفرنسويين كل احتفاء ورعاية وجعلوا له راتبًا سنويًا ثم تنقل مدة في مدن فرنسا وغيرها إلى أن اتخذ له دمشق سكنًا في أواسط سنة ١٢٧١ (١٨٥٥م) فطبت له هناك السكنى وفيها توفي في ١٩ رجب سنة ١٣٠٠ (حزيران ١٨٨٣) . ومن مبراته جازاه الله خيرًا دفاعه عمن احتمى في داره من نصارى دمشق في مذابح سنة ١٨٦٠ وكان عددهم نحو أربعة آلاف. وكان الأمير عبد القادر مغرى بالعلوم محبًا للعلماء يعظمهم ويحسن إليهم. قيل إنه كان يبلغ ما يوزع عليهم وعلى الفقراء مائتي ليرة في كل شهر. وله
1 / 216