Kitaabka Taariikhda
كتاب التأريخ
Daabacaha
دار صادر
Goobta Daabacaadda
بيروت
واحتجوا بنحو هذا آخر فقالوا أن كانت الأشياء كلها تدرك بالعلم والعلم بالعلم فإلى نهاية أو لا نهاية فإن تناهى فإلى غير معلوم وما لم يكن معلوما فهو مجهول فأنى تعلم الأشياء بمجهول فإن لم تتناه ولم تكن لذلك غاية فلا أحاطة به وما لم يحط به فمجهول أيضا فكان الوجهان في هذا القياس مجهولين غير معلومين فأنى يعلم شيء مجهول دون أن يعلم جميع الأشياء فذلك ابعد
وشققوا في هذين النوعين وكثر سعيهم وعظمت مؤنثتهم وقالت طائفة تسمى الدهرية لا دين ولا رب ولا رسول ولا كتاب ولا معاد ولا جزاء بخير ولا بشر ولا ابتداء لشيء ولا انقضاء له ولا حدوث ولا عطب وإنما حدوث ما سمي حدثا تركيبه بعد الافتراق وعطبه تفريقه بعد الاجتماع وجميع الوجهين في الحقيقة حضور غائب ومغيب حاضر
وإنما سميت الدهرية لزعمها أن الإنسان لم يزل ولن يزول وان الدهر دائر لا أول له ولا آخر واحتجوا فيما ادعوا بان قالوا إنما يعرف في وجود الشيء وفقده حالان لا ثالث لهما حال الشيء فيها موجود فأنى يحدث ما قد كان ووجد وحال لا شيء فيها فأنى يكون الشيء في حال لا تشبيه لها وذلك ابعد
وكذلك قول في المدعي العطب فهو لا يعرف غير حالين حال الشيء فيها قائم فحال قول من ادعى العطب للشيء في حال كونه وقيامه وحال لا شيء فيها فأنى يكون العطب الأدنى وذلك محال فإن اقر مخالفونا بصدقنا دخلوا في قولنا ونقضوا قولهم وان أنكروا قولنا ادعوا حالا ثالثة لا عدم فيها ولا وجود وذلك اقبح الثلاثة حالة
Bogga 149