Kitaabka Taariikhda
كتاب التأريخ
Daabacaha
دار صادر
Goobta Daabacaadda
بيروت
وكانت ملوك اليونانيين ومن ملك بعدهم من الروم مختلفة فطائفة منهم على دين الصابئين وكانوا يسمون الحنفاء وهم الذين يقرون ويعترفون بخالق ويزعمون أن لهم نبيا مثل اوراني وعابيديمون وهرمس وهو المثلث بالنعمة ويقال إنه إدريس النبي وهو أول من خط بالقلم وعلم علم النجوم ويقولون في الخالق جل وعز على قول هرمس أما أن يعقل الله فعسر وان ينطق به فلا يمكن وان الله علة العلل المكون للعالم جملة واحدة
وطائفة منهم أصحاب زينون وهم السوفسطائية وتفسير هذا الاسم باليونانية المغالطة وبالعربية التناقضية يقولون لا علم ولا معلوم واحتجوا باختلاف الناس وانتصاف بعضهم من بعض وقالوا نظرنا في قول الناس المختلفين فوجدناها مختلفة غير متفقة واصبناهم في اختلافهم مجتمعين على أن الحق مؤتلف غير مختلف وان الباطل مختلف غير مؤتلف وكان في اجتماعهم شاهد لهم انهم لم يعملوا بالصواب فلما اقروا بهذا لم يبق للحق موضع يطمع في إصابته إلا في الخاصة منهم فعلمنا أن ذلك لا يوجد إلا بأحد وجهين أما بالتسليم للمدعي وإما بالكشف لدعواه فنظرنا في الدعوى فأصبنا بما يعمهم فلم نجز تصديقهم لخلتين إحداهما أن يكذب بعضهم بعضا والأخرى إجماعهم على انهم لم يعلموا بالصواب فلم يبقى إلا كشف الدعوى ففعلنا فأصبناهم أهل تكافؤ وتجار بدور الغلبة عليهم جميعا بالاستواء بينهم تقوى هذه مرة ومخالفتها أخرى فلم نصب عند طائفة منهم فضلا ولا تشارك فيه ولا حجة ولا تساوي بها ولا تجاري فيها فلما أعوز وجود الحق في عامتها وخاصتها بالدعوى بالمناظرة لم يبق للعلم موضع يوجد فيه ولا للحق مذهب يصاب منه فقضينا انه لا علم ولا معرفة لأن الشيء إذا كان ثابتا لا محالة فلا بد من الإحاطة في الاتفاق أو في الاختلاف فلا يذكر ذاكر وهو غائب فقال فلان غائب فأصابه فلو قال هو أو غيره فلان حاضر وليس بحاضر فخرج من الصدق ثم خالفه مخالف فقال بل هو غائب فكان أحدهما صادقا لا محالة لأنه لا يعدو إذا كان الشيء ثابتا حقا أن يكون حاضرا أو غائبا فإذا لم يكن شئا فكلاهما كاذب فيما قال من انه حاضر أو غائب لأن الحاضر شيئ والغائب شيئ فان لم يكن شيئا فليس بحاضر ولا غائب
Bogga 148