لقد حرص (ع) أن يطبق العدالة على نفسه قبل تطبيقها على غيره (( فوالله ما أنا وأجيري إلا بمنزلة واحدة )) ولقد صور عليه السلام العدالة بأجمل صورها عندما وجد درعه عند رجل من أهل الكتاب، فوقف معه أمام قاضيه ليقاضيه في الأمر فقال (ع): (( الدرع درعي ولم أبع ولم أهب )).
فقال الرجل للقاضي: (( ما الدرع إلا درعي وما أمير المؤمنين عندي بكاذب)).
فقال القاضي لعلي (ع): (( هات البينة تشهد أن الدرع لك )).
فضحك عليه السلام أنه لا يملك بينة من ذلك النوع، فحكم القاضي بالدرع للرجل، فأخذها وذهب وأمير المؤمنين ينظر إليه.
غير أن الرجل عاد وهو يقول: (( أما أنا فأشهد أن هذه أحكام أنبياء. أمير المؤمنين يدينني إلى قاضيه فيقضي عليه.. الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين، وقد كنت كاذبا فيما ادعيت )) (1). وأعلن اسلامه.
ومن وصاياه لجباة الأموال:
(( إنطلق على تقوى الله وحده لا شريك له، ولا تروعن مسلما، ولا تجتازن عليه كارها، ولا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله، فإذا قدمت على الحي، فانزل بمائهم، من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امض بالسكينة والوقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم، ولا تخدج بالتحية لهم ثم تقول:
(( عباد الله، أرسلني إليكم ولي الله، وخليفته لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليه )) (2).
(( إياك أن تضرب مسلما أو يهوديا أو نصرانيا في درهم خراج، أو تبيع دابة عمل في درهم فإنما أمرنا أن نأخذ منهم العفو )) (3).
قال ابن عباس: دخلت على علي (ع) بذي قار وهو يخصف نعليه فقال لي: ما قيمة هذا النعل؟ فقلت لا قيمة لها.
فقال عليه السلام: (( والله لهي أحب إلي من إمرتكم إلا أن أقيم حقا أو أدفع باطلا )) (4).
Bogga 43